بعد أن كان وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات قد أعلن توقع المغرب زيادة قدرها 41 في المئة في محصول الحبوب هذه السنة، أفادت وزارة الزراعة الأمريكية، حديثا، بأنها تترقب انخفاض واردات البلاد من القمح بـ200 ألف طن خلال موسم (التسويق) 2025-2026 مقارنة بالعام السابق.
ووفق أحدث توقعات الوزارة الأمريكية ذاتها، فإن المغرب سيخفّض وارداته من القمح إلى 6.7 ملايين طن خلال الموسم التسويقي المذكور، في تطور يبرز “تحسن الحصاد المحلي، والإدارة الاستراتيجية الفعالة للمخزون، على الرغم من تحديات التغيرات المناخية التي ما تزال مستمرة”، وفق وسائل إعلام متخصصة.
وأكد موقع “UkrAgroConsult” أن المغرب، بخلاف “جيرانه الإقليميين، كمصر التي ما تزال تعتمد بشكل كبير على تقلبات السوق العالمية، يُظهر اكتفاء ذاتيا أكبر في إمدادات الحبوب”، مضيفا أنه “يحافظ على علاقات متوازنة مع كبار مصدّري القمح، فرنسا وروسيا وكازاخستان، مُتجنبًا الاعتماد المفرط على مصدّر واحد، مما يعزز استقلاليته في شراء الحبوب”.
وكان وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات قد كشف أن “فترة العجز المطري، خلال الفترة ما بين نونبر وفبراير الماضي، قد تسببت في محدودية المساحات المزروعة من الحبوب الخريفية؛ إذ لم تتجاوز 3.2 مليون هكتار”، مشيرا إلى أن التساقطات المطرية والثلجية التي تهاطلت ابتداء من مارس الماضي ساهمت في تحسين الوضعية.
وأضاف البواري، خلال جلسة للأسئلة العامة الشفهية بمجلس النواب، الاثنين 5 ماي الجاري، أن “المساحة المؤمنة من الحبوب والقطاني والزراعات الزيتية بلغت حوالي 661 ألف هكتار من أصل مليون هكتار المبرمجة”.
معقبا على الموضوع، عدّ الخبير الفلاحي محمد الدرقاوي أن “200 ألف طن من القمح تظل كمية ضئيلة قياسا إلى حجم ما يستورده المغرب إجمالا من القمح، الذي يتخطى 5 ملايين قنطار”، مفيدا بأن “هذه الكمية بالكاد تعادل حمولة أربع بواخر من هذا المنتج”.
وأضاف الدرقاوي، ضمن تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن “توقعات الانخفاض يدعمها تسجيل تحسن في إنتاج الحبوب عموما، والقمح خاصة، في بعض المناطق المغربية، نتيجة تساقط الأمطار في شهري مارس وأبريل”.
وأوضح الخبير الفلاحي نفسه أن “عددا من المناطق المغربية التي كان ميؤوسا منها في بداية الموسم، كمكناس وتاونات وتازة، سوف تبصم على إنتاج مرتفع من القمح هذه السنة”، شارحا أن “مردودية الهكتار الواحد لن تكون عند مستوياتها ما قبل الجفاف، أي ما يعادل 50 إلى 60 قنطارا، بطبيعة الحال، لكنها على الأقل ستتراوح ما بين 30 و35 قنطار”.
وشدد محمد الدرقاوي، في ختام تصريحه لجريدة النهار، على أن “ما يرجى في الوقت الحالي، هو تساقط الأمطار بكيفية منتظمة ومفيدة خلال الموسم الفلاحي القادم، أي تهاطلها بشكل جيد خلال شهر نوبر المقبل، وكذا خلال شهري يناير وفبراير”.
متفاعلا مع توقعات وزارة الزراعة الأمريكية، قال رياض أوحتيتا، خبير مستشار فلاحي معتمد، إن “التساقطات المطرية التي تهاطلت بعدة مناطق في المغرب، في مقدمتها المناطق الشمالية والغربية، خلال شهري مارس وأبريل، قد أعادت الآمال بإنتاج مرتفع في الزراعات البورية هذا الموسم”.
وأوضح أوحتيتا، ضمن تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن “ذلك سيؤثر بشكل إيجابي على المخزون الوطني من الحبوب عامة، والقمح خاصة”، مسجّلا أنه “كلمّا جرى تسجيل ارتفاع في المخزون الوطني من الحبوب، يتم ترقب تخفيض واردات البلاد منها”.
وأكد الخبير المستشار الفلاحي المعتمد أن “التساقطات المطرية المتهاطلة خلال الفترة المذكورة، ساهمت عموما في تأهيل كافة الزراعات الكبرى، وليس فقط زراعة الحبوب”.
واستحضر المصرّح نفسه أنه “مع توالي سنوات الجفاف وحدة التغيرات المناخية، بات المغرب يعرف تعاقبا في الفصول بين الجهات، جعل التساقطات المطرية تأتي متأخرة عن بداية الموسم في مناطق كعبدة ودكالة، اللتين كانتا مرجعيتين؛ بحيث تعطيان لمحة أولية عن الإنتاج الوطني من الحبوب، بحكم أنهما كانتا تسبقان في الزراعة والحصاد”.
وأوضح الخبير الفلاحي أن “هذه السنة شكّلت استثناء في هذا الصدد؛ إذ إن التساقطات المطرية همّت في بداية الموسم الفلاحي الجاري جل المناطق المغربية، غير أنها استمرت لاحقا في مناطق الغرب والشمال، ثم أعقبها انخفاض في درجات الحرارة أدى إلى انكماش نمو المزروعات بهذه المناطق لفترة”، مشددا على أن “أمطار شهري مارس وأبريل أعادت الآمال بإنتاج مرتفع في كافة الزراعات البورية هذا الموسم”.
وذكّر أوحتيتا بأن “الاستفادة من التساقطات المطرية المنتظمة في مناطق غرب وشمال المملكة جعلت هذه المناطق تنتج 85 في المئة من محصول المغرب من الحبوب خلال الموسم الفلاحي الماضي”.