العمراني يشيد بشراكة المغرب وأمريكا

“بلغت الشراكة الاقتصادية بين الرباط وواشنطن مستويات متقدمة من النضج، تُجسّد ثمارَ تقاربٍ استراتيجي قائم على رؤية طموحة ومشتركة. هذه الشراكة، التي نُسجت عبر الزمن في ظل ثقة متبادلة ثابتة وحوارٍ منظم وآفاقٍ اقتصادية واعدة، تُعدُّ نموذجا يحتذى به لعلاقة ثنائية تقوم على التزامات مشتركة ومتقاربة، وإرادة مشتركة لبناء ازدهار دائم وشامل”.

بهذه الكلمات، افتتح يوسف العمراني، سفير المغرب بالولايات المتحدة الأمريكية، يوم الاثنين 12 ماي الجاري، لقاء نظم على شرف وفد رفيع المستوى يمثل القطاع الخاص المغربي؛ وذلك في إطار المشاركة الخامسة للمملكة في برنامج”SelectUSA”، أحد أبرز المنصات الدولية الهادفة إلى تعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي نحو الولايات المتحدة الأمريكية.

وقد تميز هذا الحدث بحضور شخصيات وازنة عديدة؛ في مقدمتهم ماريسا سكوت، القنصل العام للولايات المتحدة بالرباط، وتوماس برونس، نائب وكيل وزارة التجارة الأمريكية المكلف بالشرق الأوسط وإفريقيا، إلى جانب نخبة من ممثلي القطاعات العامة والخاصة من كلا البلدين وشخصيات مرموقة من الأوساط الاقتصادية والدبلوماسية.

وفي هذا السياق، ذكّر العمراني بأن العلاقات المغربية الأمريكية تنبثق من دينامية متجذّرة في التاريخ، تستند إلى قيم مشتركة، وتشبث راسخ بالاستقرار الإقليمي، وطموح موحّد من أجل مستقبل يسوده السلام والازدهار. كما أكد السفير المغربي بواشنطن أن “هذا التحالف لم يكن وليد الصدفة؛ بل ثمرة خيار استراتيجي مؤكد من كلا الجانبين عبر العقود”، مبرزا دور الاقتصاد كمحفّز للتنمية الشاملة.

وشدد الدبلوماسي المغربي، خلال الكلمة التي ألقاها في هذا اللقاء، على أهمية إرساء إطار تعاوني موجه نحو الابتكار والتحول الطاقي والتنافسية الإقليمية.

وأكد المتحدث ذاته أن “طموحنا المشترك لا يقتصر على التبادل التجاري فحسب؛ بل يتجاوز ذلك إلى بناء سلاسل القيمة المستقبلية سويا، في التزام يحمله المغرب بعزم ويتقاسمه باستمرار مع شريكه عبر الأطلسي”.

وجدّد يوسف العمراني التزام المملكة، تحت القيادة الرشيدة الملك محمد السادس، بإرساء “شراكة براغماتية، واقعية، متضامنة، محورها الإنسان”، مضيفا: “أمام تحوّلات متسارعة في عالم متقلب، فإن المغرب والولايات المتحدة لا يملكان فقط مسؤولية مشتركة؛ بل يحملان أيضا رسالة أمل يتعين صياغتها معا”، مؤكدا التزام السفارة المغربية في واشنطن بمواكبة الفاعلين الاقتصاديين المغاربة في مساعيهم لتوسيع حضورهم داخل السوق الأمريكية، عبر تسهيل ولوجهم وضمان تواصل فعّال والمساعدة في تجاوز التحديات، بما يسهم في بلورة شراكات نوعية تخدم المصالح المشتركة.

وفي هذا الإطار، شدد السفير المغربي بالولايات المتحدة الأمريكية على البُعد الاستراتيجي لاتفاق التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة، واصفا إياه بالرافعة القانونية والاستراتيجية التي تضمن ولوجا تفضيليا إلى السوق الأمريكية، وداعيا الفاعلين الاقتصاديين إلى اغتنام فرصه على النحو الأمثل.

من جانبها، أعربت ماريسا سكوت، القنصل العام للولايات المتحدة بالرباط، عن تقديرها لكلمات السفير، مشيدة بمشاركة 22 ممثلا عن القطاع الخاص المغربي، ومبرزة تنوع القطاعات التي يمثلونها؛ من تكنولوجيا المعلومات إلى الصناعات الغذائية، مرورا بالخدمات المالية والصحة والتأمين والسلع الاستهلاكية.

كما سلطت سكوت الضوء على الأهمية الاستراتيجية لقمة SelectUSA، واصفة إياها بما هو أكثر من مجرد منصة للاستثمار؛ بل رمز حيّ لقوة وحيوية الشراكة المغربية الأمريكية.

وأشارت القنصل العام للولايات المتحدة بالرباط إلى أن هذا البرنامج ساهم، منذ تأسيسه، في جذب أكثر من 270 مليار دولار من الاستثمارات المؤكدة، مساندا بذلك أكثر من 240 ألف منصب شغل في مختلف الولايات الأمريكية وأقاليمها.

وأكدت الدبلوماسية الأمريكية ذاتها على الدور المحوري الذي تضطلع به هذه القمة في تعميق العلاقات الاقتصادية الثنائية، مشجعة الشركات المغربية على استثمار هذه الفرصة للتعلّم وبناء العلاقات ودفع مشاريعها قدما.

وذكّرت المتحدثة بالمكانة الخاصة التي يحتلها المغرب في تاريخ العلاقات الخارجية الأمريكية، كأول دولة وقعت مع الولايات المتحدة معاهدة سلام وصداقة.

توماس برونس، نائب وكيل وزارة التجارة الأمريكية المكلف بالشرق الأوسط وإفريقيا، عبّر، بدوره، عن ارتباطه الشخصي بالمغرب، الذي كان له الفضل في انخراطه في العمل الدبلوماسي.

وأشاد برونس بدينامية وطموح المقاولات المغربية الحاضرة، منوها بالفرص الواعدة التي يقدمها السوق الأمريكي، لاسيما حجمه، وروح الابتكار، وعمق أسواقه المالية، ومناخه الملائم لنمو الأعمال.

وسلط نائب وكيل وزارة التجارة الأمريكية المكلف بالشرق الأوسط وإفريقيا الضوء على دور برنامج SelectUSA كأداة لتسهيل الاستثمارات الأجنبية.

وفي هذا الصدد، أشار المسؤول الأمريكي سالف الذكر إلى أن هذا البرنامج دعّم مشاريع بقيمة تتجاوز 250 مليار دولار منذ عام 2011، وشجّع رواد الأعمال المغاربة على الاستفادة من خبرات موظفي وزارة التجارة الأمريكية و”الخدمة التجارية الأمريكية” للتعامل بفعالية مع الإطار التنظيمي الأمريكي والحفاظ على علاقات دائمة لما بعد القمة.

واختتم برونس مداخلته بالتأكيد على أن “النجاح يسير بسرعة الثقة”، داعيا إلى تكثيف التبادلات وتعميق الشراكات بين البلدين، ومجددا التزام الولايات المتحدة بالانفتاح على الاستثمارات الأجنبية.

جدير بالذكر أن قمة SelectUSA تُعدّ موعدا استثماريا استراتيجيا، تستقطب سنويا مئات الشركات الأجنبية الساعية إلى توسيع أو إطلاق أعمالها بالسوق الأمريكية. وبفضل التزامه الفاعل، استطاع المغرب ترسيخ حضور ديناميكي ونوعي داخل هذا المحفل الاقتصادي الدولي البارز.

Exit mobile version