“متحف النصر” في العاصمة الروسية .. ذاكرة تاريخية بالبزة العسكرية

في قلب العاصمة الروسية موسكو يقف “متحف النصر” كصرحٍ شامخ يروي قصة واحد من أعظم الانتصارات العسكرية في تاريخ البشرية. هنا، بين الجدران المزينة بزخارف المجد الروسي وأروقة تحكي ملحمات الجنود والضباط السوفييت، ينطلق الزائر في رحلةٍ لا تُنسى عبر مسار النصر على المسعكر النازي بقيادة ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية.

إعلان "متحف النصر" في العاصمة الروسية .. ذاكرة تاريخية بالبزة العسكرية

صور وحكايات الجنود الأبطال هنا ليست مجرد حكايات تروى للزوار، بل هي شواهد على حجم التضحيات التي قدمها الروس نساء ورجالا، شبابا وشيبا، في سبيل وقف الزحف الألماني على الاتحاد السوفياتي الذي كان ليشكل نجاحه عالما آخر غير العالم الذي نعيش فيه اليوم.

منذ اللحظة الأولى التي تطأ فيها قدمك أرض هذا المتحف الضخم، الذي يشهد توافد آلاف الروس بمناسبة الاحتفال بعيد النصر، تجد نفسك محاطًا بالعديد من القصص الملحمية التي تحكيها القطع العسكرية المعروضة بدقةٍ تلامس الروح؛ فهنا بندقية جندي قتل دفاعا عن أرض أجداده، وهناك خودة طيار قضى في عملية انتحارية جوية، وبجانبها كاميرا جندي سوفييتي شاب لم يكتب له أن يوثق لحظة نصر بلاده في “الحرب الوطنية العظمى” التي راح ضحيتها الملايين.

"متحف النصر" في العاصمة الروسية .. ذاكرة تاريخية بالبزة العسكرية

وتسير عبر القاعات المضيئة التي تعود بك إلى لحظات الحرب المؤلمة، بينما تعرض الشاشات الضخمة داخل “متحف النصر” الذي افتتح حديثا في حلته الجديدة تجسيلات وأفلامًا وثائقية نادرة تظهر لحظات التحول في الحرب، من حصار لينينغراد وقصف موسكو من طرف الجيش الألماني إلى غاية سقوط برلين مرورا بمعركتي “ستالينغراد” و”كورسك”، هذه الأخيرة التي توصف بأنها أكبر معركة دبابات عرفها التاريخ.

"متحف النصر" في العاصمة الروسية .. ذاكرة تاريخية بالبزة العسكرية

الأصوات المحيطة بالمكان، كهدير الدبابات وصيحات الجنود السوفييت وأصوات انفجارات القنابل، ليست مجرد أصوات عادية، بل شواهد تاريخية تأبى النسيان، تعكس عزيمة الروس وتضحياتهم الجسيمة في سبيل إنهاء حلم أدولف هتلر في السيطرة على العالم بالحديد والنار.

"متحف النصر" في العاصمة الروسية .. ذاكرة تاريخية بالبزة العسكرية

في قلب المتحف تنقش أسماء آلاف الجنود والضباط الذين حصلوا على وسام “بطل الاتحاد السوفيتي”، أعلى وسام عسكري في تلك الحقبة من الزمن، بينما تحكي الصور التفاعلية قصة قضاء الجنود الألمان وسط ثلوج روسيا التي لم يتحملوها.

ولا شيء هنا يضاهي الوقوف أمام الشاشة التفاعلية التي تجسد آخر لحظات الحرب العالمية الثانية، حين دخلت عناصر الجيش السوفييتي إلى العاصمة الألمانية برلين ورفعت علم بلادها فوق “الرايخستاغ” (مبنى البرلمان الألماني السابق)؛ بينما اهتزت موسكو وتعالت صرخات الفرح بالنصر الممزوجة بالدمع المتسايل على خدود كل من فقد شخصا عزيزا وعاش كابوس الحرب التي حولت حياته إلى جحيم فوق الأرض.

"متحف النصر" في العاصمة الروسية .. ذاكرة تاريخية بالبزة العسكرية

“متحف النصر” بالنسبة للعديد من المواطنين الروس الذين قابلتهم جريدة جريدة النهار الإلكترونية في المكان ليس مجرد صرح معماري يحفظ ذاكرتهم الجمعية، بل هو رسالةٌ للعالم بأن طريق روسيا لتثبيت وجودها ومكانتها العالمية لم يكن مفروشا بالورود، بل سقي بدماء ملايين الجنود الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم من أجل أن تكون هناك أمة تسمى “الأمة الروسية”.

زر الذهاب إلى الأعلى