صندوق غورشاكوف للدبلوماسية العامة .. روسيا تستخدم القوة الناعمة
في عالم تتصارع فيه السرديات، وتُختزل فيه الشعوب والبلدان في صورٍ نمطيةٍ جاهزة يكرّسها الإعلام، يراهن “صندوق ألكسندر غورشاكوف للدبلوماسية العامة” على تعزيز صورة روسيا وسمعتها؛ من خلال تطوير البرامج الثقافية والتعليمية والبحثية في مجال العلاقات الدولية، ودعم تعزيز الإمكانات الفكرية والثقافية والعلمية والاقتصادية لروسيا أو “بلاد الأنهار الستة” على المستوى الدولي.
ويعمل الصندوق الروسي، الذي تأسس بموجب مرسوم رئاسي صدر في أوائل فبراير من عام 2010، على ربط الجسور الثقافية والفكرية بين روسيا والعالم الخارجي، وتصحيح الصور النمطية عنها وعن مواطنيها الذين ليسوا مجرد “دبّبة غامضة” كما يتصوّرهم الكثيرون؛ بل بناة حضارة وشركاء أساسيون في رحلة الإنسانية المشتركة.
وتقدّم هذه المؤسسة، التي تحمل اسم أحد أشهر الدبلوماسيين الروس الذي شغل منصب وزير خارجية الإمبراطورية الروسية في منتصف القرن التاسع عشر، دعما للمنظمات غير الحكومية ومراكز الأبحاث الروسية والأجنبية الناشطة في مجال السياسة الخارجية لتنفيذ مشاريعها المتوافقة مع أهداف الصندوق، عبر منح تمويلية وبرامج تدريبية للمنظمات غير الربحية.
وتشمل أنشطة الصندوق تنظيم مؤتمرات ومحاضرات حول السياسة الخارجية الروسية، وإيفاد خبراء استراتيجيين روس إلى الخارج للتعريف بأجندة موسكو السياسية. كما يراهن بقوة على برامج الزمالات، التي ليست مجرّد منح مالية أو زيارات سياحية؛ بل “مختبرات علاقات دولية مصغّرة” يصبح فيها كل مشارك حاملا لرسالة تقول: “أرض الروس ليست كما يروى عنها”.
ويسعى “صندوق ألكسندر غورشاكوف للدبلوماسية العامة” إلى الاستثمار في الذاكرة الجماعية للعالم لإبراز حقيقة الروس، التي تُطمس غالبا خلف عناوين السياسة والأزمات الدولية.
وتعوّل المؤسسة بشكل كبير على الشباب من مختلف الدول لخلق مساحات حوار مفتوحة، حيث تتحول المعرفة إلى جسور والعلم إلى وسيط ثقافي؛ وبالتالي كسب معركة الصورة الذهنية التي تخوضها روسيا في مواجهة الغرب.
وفي هذا الصدد، أكد ليونيد ف. دراتشيفسكي، المدير التنفيذي “Gorchakov Fund” ، أن “التطورات الدولية خلال العقود الأخيرة أثبتت أن القوة الناعمة — أي قدرة الدولة والمجتمع على التأثير في الساحة العالمية عبر قيمهما الثقافية والتاريخية والسياسية — ما زالت تحتفظ بأهميتها وحيويتها”.
وأشار دراتشيفسكي إلى أن “المنظمات غير الحكومية الروسية، التي تعمل جنبا إلى جنب مع الحكومة في مجال السياسة الخارجية، تحتاج إلى دعم متواصل وزيادة في الحضور لتعزيز الصورة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لروسيا عالميا”.
وأضاف، في كلمته المنشورة على الموقع الإلكتروني للصندوق، أن الأخير أُنشئ لـ”تعزيز المشاركة الدولية للمنظمات غير الحكومية الروسية ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى، كمبادرة روسية حديثة للشراكة في المجالين السياسي والعام”.
وأوضح المدير التنفيذي لـ”صندوق ألكسندر غورشاكوف للدبلوماسية العامة” أن هذا الصندوق حقق نتائج ملموسة في دعم الدبلوماسية العامة، وساهم بشكل كبير في توسيع شبكة اتصالات المنظمات غير الحكومية الروسية.
