تهتم مجموعة من الفاعلين في مجال الصيدلة والأدوية بأمر التكوين المستمر للصيادلة في المغرب، كما هو الأمر بالنسبة إلى جميع المهنيين في مختلف القطاعات المهنية الأخرى، سواء أكانت في قطاع الصحة أو من خارجها، بغرض مواكبة آخر المستجدات العلاجية والتشخيصية، لاقتناعها بأهمية الدور الذي يضطلع به المهنيون في تطوير الخدمات المقدمة للمرضى وتجويد التكفل الصحي وإذكاء العمل الوقائي على صعيد صيدليات القرب.
ويأتي فتح هذا النقاش على خلفية عقد الدورة التكوينية، التي نظمتها الجمعية الإفريقية لعلوم صيدلة الصيادلة، (SASPO)، أخيرا في طنجة، والتي خصصت حيزا مهما لتبادل الأفكار والمعطيات وتقديم عروض حول أهمية التكوين المستمر وسط ممارسي الصيدلة، بحضور مجموعة من المهنيين والفاعلين في حقل الصيدلة والدواء.
وفي هذا الصدد، تحدث الدكتور عبد الرحيم دراجي، دكتور في الصيدلة، عضو الجمعية المغربية لتطوير الصيدلة (Smvao)، في تصريح لـ”الصحراء المغربية” عن أهمية تدارك المغرب للتأخر الحاصل في التقنين القانوني للتكوين المستمر الموجه إلى الصيادلة، لما له من فائدة كبيرة في مساعدة المهنيين على مواكبة آخر التطورات العلمية بخصوص التكفل بالأمراض والمستجدات في مجال الأدوية.
وتكمن الأهمية أيضا، في سياق علمي عالمي يعرف فيه المجال صدور أدوية جديدة من أصناف متعددة، ما يستوجب تحيين المعطيات المكتسبة طيلة مسار ممارسة المهنة، تماشيا مع المستجدات والتغييرات التي تعرفها البروتوكولات العلاجية أو التشخيصية في عالم الصحة على الصعيد العالمي.
ويرى دراجي أنه بالأهمية بمكان وضع خطة للتكوين المستمر لفئة الصيادلة في المغرب، وفق نظرة شمولية حول مجالات التكوين المستهدفة، يستند فيها على دفتر للتحملات واضح المعالم والمضامين، من حيث تحديد أهداف التكوين ومدته.
ووفقا لذلك، يمكن الاستعانة بملف مرجعي للتكوين المستمر يحدد مختلف المستويات التي عرج عليها الصيدلي خلال مراحل التكوين المستمر، والتي تضم معطيات حول مكتسبات التكوين وآفاق التكوينات المستقبلية، يبرز الفاعل الصيدلي.
ويقترح دراجي أن توكل عملية السهر على الدورات التكوينية إلى لجنة مختصة، يفضل انتماؤها إلى جهة رسمية لمراعاة الضوابط الأكاديمية، منها المنتمية إلى كليات الصيدلة، على سبيل المثال لا الحصر، بتنسيق مع مجالس الهيئات الممثلة للمهنيين، على أساس أن تتولى تحقيق الأهداف المرجوة والسهر على عملية مراقبة التكوينات المستمرة واستيفائها للشروط العلمية والأخلاقية والمهنية.
وأبرز عضو الجمعية المغربية لتطوير الصيدلة أهمية التكوين المستمر للصيادلة، بالنظر إلى وضعهم في النسيج المجتمعي، حيث يلعبون مجموعة أدوار داخل المنظومة الصحية في المغرب، ما يستوجب تسليحهم بالتكوين المستمر لمواكبة السياسة الصحية التي يتبناها القطاع الصحي، ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، إطلاق وزارة الصحة للاستراتيجية الوطنية لمكافحة التهابات الكبد الفيروسي نوع “س”، أو تلك التي عرفها زمن انتشار وباء “كوفيد19″، وهو ما يفرض على المهنيين التعرف على مستجدات الوضعية الوبائية للأمراض ومستجدات التكفل بها وتشخيصها وطبيعة النصائح المراد نقلها إلى المرضى وزوار الصيدليات.
وأشار دراجي إلى وجود العديد من الدول التي تتبنى خطة التكوين المستمر بشكل إجباري في صفوف الصيادلة، حيث يستوجب على الممارسين في القطاع الاستجابة لمجموع الشروط المفروضة في ملف التكوين المستمر، في مقدمتها مراعاة عدد الساعات الواجب استيفاؤها بشكل سنوي، إذ تتولى جهة مختصة السهر على تلك العمليات.
