كشفت دراسة علمية حديثة عن تلوث مياه الأمطار المتساقطة فوق كوكب الأرض بمواد كيميائية، وذلك بمستويات، وصفتها الدراسة بـ”غير الآمنة” لدرجة توقع تسببها في مرض السرطان وأمراض أخرى عديدة، وفقا لما توصل إليه باحثون من جامعة ستوكهولم في السويد، وفي زيورخ بسويسرا، بعد إجرائهم أعمالا مخبرية وميدانية، طوال العقد الماضي، كما عممته مجموعة من التقارير حول الموضوع، ضمنها “دايلي ميل”.
وتفيد نتائج الدراسة أن الأمر يتعلق بمياه أمطار مشبعة بمادة “الفلوروالكيل” و”البولي فلورو ألكيل”، وتعرف بالرمز العلمي «PFAS» اللتين تدخلان في العديد من الاستخدامات ذات الطبيعة الصناعية، مثل صناعة رغاوي مكافحة الحرائق، الطلاءات غير اللاصقة والمنسوجات.
وفي هذا الصدد، أفاد الدكتور لطفي الشرايبي، رئيس الجمعية المغربية للبيئة المستدامة في تصريح لـ”الصحراء المغربية” أن مياه الأمطار تعترضها الانبعاثات الصناعية الموجودة في الغلاف الجوي، طيلة مسار هطولها من السماء إلى أن تصل إلى الطبقة الأرضية، إذ تكون محملة بالمواد الكيميائية التي تنفثها المركبات الصناعية، والتي تصل أيضا مصادر المياه الأخرى، منها المياه الجوفية ومياه الأنهار ومصادر المياه العذبة.
وأكد الشرايبي الخطورة الصحية لشرب مياه الأمطار الملوثة، كونها تتسبب في الإصابة بأمراض سرطانية لدى فئة البالغين كما الأطفال، وفي أمراض التهابية متعددة، والتهابات، وتختلف درجات التعرض لخطورة هذه المواد، حسب نوعية الملوثات المائية، وهي جميعها ناتجة عن تزايد النشاط البشري على الأرض الذي لا يخلو من أثر سلبي على جودة المياه، يؤكد الفاعل الجمعوي والبيئي.
ويأتي في مقدمة ملوثات مصادر المياه، التلوث الظرفي معروف المصدر والثابت، يتسم بسهولة معالجته وبإمكانية التغلب عليه، إلى حد ما، ينتج عن نشاط صناعي معين، يرتكز على استعمال مواد كيميائية وتوجد في المياه العادمة الصناعية.
أما التلوث غير الثابت، فهو الناتج عن مجموعة مصادر متنوعة، يصعب التحكم فيها، إلى جانب التلوث العام الذي تختلف مصادره، من تلوث التربة بالمواد الكيميائية الناتجة عن النشاط الفلاحي، مثل استعمال المبيدات الزراعية أو التلوث الصناعي. وينضاف إلى ذلك، الملوثات الموجودة بكثافة في الغلاف الجوي، والتي تتسبب في تلوث مياه الأمطار بالمواد الكيمائية، والتي تحملها إلى الأرض وقد تشكل خطورة عند عدم معالجتها، يبرز الدكتور لطفي الشرايبي، الذي يشغل أيضا منصب أستاذ باحث بجامعة عبد المالك السعدي.
وفي هذا الصدد، شدد رئيس الجمعية المغربية للبيئة المستدامة على ضرورة رفع الوعي والحث على الحذر من استعمال المياه غير المراقبة وغير المعالجة قبل الاستهلاك الآدمي، بما فيها مياه الآبار والمياه الجوفية، مع ضرورة الحرص على تقوية أعمال معالجة المياه العادمة الصناعية، التي تعد نقطة إيجابية تساهم في تخفيف أثر المياه الصناعية.
وبالنظر إلى خطورة المواد الكيميائية التي تحملها مياه الأمطار، فإن خلاصات الدراسة المذكورة، لم تستبعد أن تكون هذه المواد أحد عوامل إصابة الإنسان بأمراض مستعصية مثل السرطان واضطرابات الجهاز المناعي والسمنة وقضايا الخصوبة، بالنظر إلى ما تعرف به هذه المواد الكيميائية من كونها “مواد كيميائية أبدية”، بسبب ثباتها الشديد في البيئة، لفترة يفوق ألف عام قبل أن تصل إلى مرحلة التحلل في الطبيعة.
وهو ما دفع بعدد من الوحدات الصناعية إلى التخلص منها واستبعادها في صناعتها، قناعة وإيمانا بخطورتها وانخراطا منها في المحافظة على البيئة والسلامة الصحية عند الإنسان، منذ السنوات الماضية، ما ساهم في خفض مستويات وجودها في مياه الشرب والمياه السطحية والتربة، حسب ما يقول العلماء، وفقا لمعطيات الدراسة المذكورة، إلا أن ذلك لم يثنهم عن تذكير المجتمع الدولي باستمرار تلك المواد الضارة في الغلاف الجوي قادمة إليه من البيئة السطحية.
ووفقا لذلك، فإن التنبيهات الصحية تؤكد على ضرورة تفادي شرب مياه الأمطار غير المعالجة، ناهيك عن ضرورة تحمل الإنسان نفسه لمسؤوليته تجاه الصحة العامة وسلامة كوكب الأرض، من خلال الحد من استخدام وانبعاثات المواد الكيميائية الضارة.
