
مليكة العاصمي تقرأ مخطط ترحيل الفلسطينيين وتتمسك بالدولة الواحدة
في ظل التطورات التي تعرفها القضية الفلسطينية في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة التي تعمل من أجل تهجير سكان غزة خارجها وإلحاق الضفة الغربية بالاحتلال الإسرائيلي، قالت الأكاديمية والشاعرة مليكة العاصمي إنه في المنطقة العربية “لم نقرر بما يكفي، ولم نطالب بما يكفي بإنهاء الاحتلال، بذلك قام السيد ترامب بالمطالبة بتهجير السكان والسيطرة على الأرض”.
وتابعت شارحة أنه بعد “نكبة فلسطين، بهجوم الإسرائيليين معززين بالجيش البريطاني لإخراجهم من دورهم وأملاكهم ومطاردتهم خارج بلادهم وتهجيرهم وتشريدهم واحتلال بلادهم”، ثم “اكتمال الجريمة تقريبا بهزيمة العرب مجتمعين بسبب خيانة فيما سمي بحرب 1967 أو حرب الستة أيام وهي في الواقع حرب 6 ساعات أو أقل”، الذي حدث أن العرب “قبلوا جميعا في وقت ما بما سمي الأرض مقابل السلام؛ ويعنون به التسليم لإسرائيل بامتلاك ما حصلته بهزيمة العرب من أراضٍ منها ما هو تابع لفلسطين وسوريا ومصر والأردن”، ثم “قبلوا بحل الدولتين، وأن تعيش إسرائيل جنبا إلى جنب مع فلسطين كدولتين متجاورتين في سلام لم يحدث أبدا”، ثم “طرح موضوع القدس على أن تبقى عاصمة فلسطين”، قبل أن يقبلوا “بتقسيم القدس، وتسليم القدس الغربية إلى إسرائيل والاكتفاء بالقدس الشرقية”.
وواصلت العاصمي: “لا شيء من كل تلك التنازلات أرضى إسرائيل، التي ظلت تناور بمطلب التطبيع والبحث عن السلام والتغطية على أطماعها الحقيقية، التي كانت تبرز واضحة تصريحا أو تلميحا، كما تبرز مثبتة في مرجعيات الحركة الصهيونية وخطابات كثير من قياداتها وتنظيماتها ونظرياتها وبرامجها”.
هكذا، “بعد 17 سنة من حصار غزة وكحش آلاف السكان المجازر والمقاصل والإعدامات والتعذيب، وبعد تداعي الدول العربية للتطبيع (…) وبعد التسابق للتكفير عن سنوات البعد والفراق مع هؤلاء الإخوة والأهل والأحباب والمسارعة لتعويض كل ما فات. وبعد التطبيع مع الصهيونية وهي النظرية والإيديولوجية المتطرفة، وبعد اعتناقها رسميا في المنابر العليا العالمية في شخص السيد بايدن، رئيس أكبر وأعتى دولة في العالم بإعلانه التاريخي في خطاب رسمي بكونه صهيونيا. بعد كل ذلك وجد الفلسطينيون أنفسهم أمام ما سموه: (جهادْ/ نصرٌ أو استشهادْ) فلم يعد أمامهم من خيار مع ما يعيشونه ويعانونه ويذوقونه من عسف وإذلال وحرمان وحصار، وما يرونه عيانا من قرب تفويت حقوقهم المشروعة وبيعهم جملة وتفصيلا رقيقا أو مهجرين مشردين لا مكان لهم ولا شأن في العالم”.
وفسرت العاصمي ما حدث يوم 7 أكتوبر بأن فلسطينيين “ارتأوا أولا تحرير آبائهم وأمهاتهم وزوجاتهم وأطفالهم الذين يذوقون الويلات في معتقلات العار الصهيونية، عن طريق الإمساك بإسرائيليين كرهائن ليبادلوهم بذويهم هؤلاء”؛ لكن “لأن إسرائيل بلغت من الاطمئنان حدا يكفيها لكي ترفع السقف عاليا، فلم تر ضرورة لمفاوضة أو مبادلة أو غيرها بل قررت المرور مباشرة لتنفيذ مشروعها الحقيقي الذي لم تعد تحتاج لإخفائه والتمويه عليه أو المناورة. والمبادرة إلى إنهاء وجود هذا الشعب بإبادته جماعيا ونهائيا واستغلال المناسبة السانحة لتصفيته ومحوه”.
وأمام “الدعم والمساندة لإسرائيل معنويا بالتصريحات والإعلام وتحريف الحقائق، وماديا بأنواع الأسلحة الفتاكة، وبإمدادات الجنود والمواد المختلفة العسكرية والمدنية، والدواء والغذاء لا نستثني الدول العربية والإسلامية التي تحاصر شعب فلسطين الجائع العطشان الموجع المشرد”، وجدت إسرائيل نفسها “أمام شعب مقاوم، لا يمكن إفناؤه وإبادته؛ عادت لفكرة تهجيره خارج أرضه، ومطاردته بجميع الأساليب من مكان إلى مكان، وإيهامه بمكان آمن كي يتجمع، فتهجم عليه وتحرق وتقصف وتبيد وتدمر، لكنه يقاوم ويصمد ويقدم الشهداء تلو الشهداء، ولا يهاجر ولا يهرب بينما يهاجر لقطاء إسرائيل ويهربون أفواجا”.
وشددت العاصمي على أن “خطأ بعض الفلسطينيين وخطأ بعض العرب القبول وبعض المتعاطفين في العالم هو القول بحل الدولتين”؛ لأنه “كيف يتعايش مغتصب بسلام إلى جانب مغتصبه الذي يتحرش به وينقض عليه في كل لحظة وهي تجربة دامت ثلثي قرن كامل”.
في حين “الحل الذي قضت به محكمة العدل الدولية هو إنهاء الاحتلال. وبالنسبة إلينا ليس إنهاء احتلال غزة بل إنهاء الاحتلال وإنهاء الاحتلال مبدأ عام في مختلف القوانين والأنظمة الدولية؛ لا سيما أن الاحتلال وهو يذعن لإطلاق النار في غزة يقصف الضفة التي يقوم نوابه بقصفها وإخضاعها وتطويعها وتأديبها لفائدتهم”.
وقدرت الفاعلة الثقافية المغربية البارزة أن جواب مخططات التهجير الأمريكية والإسرائيلية هو الجواب من المنطقة بأن “الذي يجب أن يترك الأرض، والذي يجب أن يهجر؛ هم المحتلون الوافدون منذ 1948، وهو الاحتلال ومنطق الاحتلال والإحلال. والذي يجب أن يضع يده على أرضه كاملة كما كانت قبل أن يدخلها الاستعمار بقوة السلاح والعنف والقتل والإجرام، هم الفلسطينيون أصحاب الأرض. ولا تنازل عن مغادرة إسرائيل ومن تبعها للمنطقة إلى غير رجعة”.
ثم أردفت الشاعرة والسياسية قائلة: “جواب ترامب يجب أن يكون جواب الحقيقة الواضحة: إنهاء خرافة إسرائيل أو نقلها نهائيا خارج المنطقة العربية الإسلامية، وليس نقل أهل غزة أو غيرهم (…) لقد تعايشت الأعراق والديانات في الأرض المقدسة في سلام لولا المشروع الصهيوني كداء خبيث حل بالمنطقة مع الاحتلال، وعندما يستأصل بمشرط جراحين أصلاء ستطيب المنطقة وتتنمى؛ وهذا ما لا تريده قوى باغية”.