Site icon جريدة النهار المغربية – Alnahar

إفران وأزرو.. مدارس بأجواء تحت الصفر

إفران وأزرو.. مدارس بأجواء تحت الصفر

تحتد محن تلاميذ الجبال في فصل الشتاء بسقوط الثلوج، التي تغلق المسالك الطرقية، وتحاصر المنازل، ليظل الاحتماء من البرد بالحطب الموقد داخل المنازل ملجأ للإنسان والدواب

فتخلو الساحات العمومية والشوارع مع المسالك على السواء، وتهجر الحقول، والمدارس، ولا يقوى على مواجهة الطبيعة إلا المرتبطون بمواعيد ضرورية بمن فيهم المدرسون، الذين يعودون أحيانا أدراجهم إلى منازلهم بعد قطعهم مسافات للالتحاق بأقسام فارغة.

للوقوف على ظروف التمدرس في درجات تنخفض تحت الصفر وبرامج التدفئة، التي توفرها الجهات المسؤولة داخل الأقسام أيام البرد، زارت “المغربية” بعض المؤسسات التعليمية بإفران وأزرو، وعاينت معاناة بعض الأساتذة والتلاميذ بجماعتي واد إفران وتمحضيت، قبل التحاقهم بالمؤسسات التعليمية.

بعد محاصرة الثلوج لعدد من الجماعات التابعة لعمالة إقليم إفران، وتعثر النقل إلى ميدلت والرشيدية عبر أزرو، قررت “المغربية” نقل محن السكان، الذين يعيشون بالمنطقة أيام البرد، ومعاناة تنقل الأساتذة والتلاميذ، خاصة في المؤسسات التعليمية النائية التابعة لنيابة وزارة التربية الوطنية في إفران، مع زيارة مؤسسات داخل أزرو وإفران لمعاينة الأجهزة الخاصة لتوفير الدفء داخل حجرات الدرس.

انطلاقا من مدينة أزرو في اتجاه جماعة تمحضيت، كان البرد قارسا، يوم 13 فبراير الماضي، وكانت أشعة الشمس المنعكسة على المساحات الشاسعة المكسوة بالثلوج تعيق الرؤية، خلال الطريق العابرة لغابات كثيفة الأشجار وحقول ممتدة عند منحدرات الجبال.

في حديثه مع الركاب، كان سائق سيارة الأجرة يتحدث عن المشاكل التي تخلفها التساقطات الثلجية بالنسبة لحركة المرور، إذ أنه بعد إزاحة الكميات التي تكسو الطرق، يظل الانزلاق من الأخطار التي تواجه السائقين، ويستدعي الأمر تخفيض السرعة.

كانت الساعة تشير إلى السابعة والنصف صباحا، وأشعة الشمس تطل ببطء وراء قمم عالية بيضاء، تليها أشجار من الأرز بلون أخضر داكن، ثم سلسلة من الأشجار شاحبة اللون، تليها عند المنحدر سلسلة أشجار البلوط، بلون أخضر خفيف.

تحافظ أشجار الأرز على أوراقها طيلة السنة، ويعطي شكلها العمودي تنوعا طبيعيا للمناظر التي تتخلل سلسلة جبال هبري المطلة على جماعة تيمحضيت.

بعد قطع حوالي 3 كيلومترات فقط، من مدينة أزرو، وصلت الرحلة إلى غابة أرز كورو، حيث مازالت الثلوج تغطي الأشجار العالية، وجنبات الطرق، وبعد مسافة صغيرة بدأت القردة تطل بشكل محتشم، ليرتفع عددها بمحطة يلتقي فيها الزوار، عند مدخل الغابة، حيث توجد على يسار الطريق دكاكين لبيع حلي تقليدية وبعض الأدوات الخزفية، فيما كان على يسار الطريق بائع الكاوكاو، وعدد من السيارات المرقمة بالخارج رباعية الدفع.

بعد اجتياز الغابة في اتجاه تمحضيت بدت أراضي مسطحة شاسعة تترامى بينها منازل صغيرة متفرقة، وفي الطريق كان عمال يزيحون الثلوج، وسط البرد القارس.

وعند مدخل تمحضيت تحدثت معلمة كانت متوجهة نحو مدرسة فرعية بإحدى القرى عن استياء سكان المنطقة من تحويل السوق الأسبوعي إلى مكان بعيد.

تمحضيت هو الاسم الذي اشتق من اسمها الأصلي تمهديت، وسميت كذلك حسب المعلمة، لأنها كانت مقر مراقبة تحركات السكان إبان الاستعمار، من خلال تكنة جرى بناؤها في أعالي جبال هبري.

تقطع هذه المدرسة حوالي 100 كيلومتر ذهابا وإيابا، وبعد رحلتها عبر سيارة الأجرة، تقطع مسافة طويلة وسط الحقول، وتعبر الدواوير المتفرقة لتلتحق بالمؤسسة التعليمية.

عبرت المعلمة لـ”المغربية” عن شعورها بالإحباط في عملها، وقالت إنها تفكر في التخلي عن مهنة التدريس التي كانت تعتبرها من أنبل المهن، إذ أن الظروف القاسية، ومشاكل التنقل، إلى جانب غياب التواصل مع المسؤولين الإداريين، وغياب ظروف العمل، كلها عوامل جعلتها تفكر في استغلال نشاطها وحيوتها في مهنة حرة.

من المشاكل التي تواجه المعلمين بالقرى التابعة لتمحضيت، تدريس مستويات متعددة في آن واحد، تقول المدرسة، التي فضلت عدم ذكر اسمها والمدرسة التي تشتغل بها، وقالت إن هناك حالات تدرس جميع المستويات من الأول إلى السادس، في حجرات مهترئة.

وقالت إن التدفئة أيام البرد هي النقطة التي أفاضت الكأس، إذ أن كل المدرسين بهذه الجماعة ساخطون على الوسائل المستعملة، لأن الفحم الحجري لا يلائم المدفأة المعتمد عليها، وإنه لا يشتعل بسهولة، كما أنه سبب النزاعات مع الإدارة التي لم توفر من يقوم بإشعال المدفأة ساعة على الأقل قبل بداية الحصص، حتى لا يؤثر دخان الفحم على صحة الأطفال.

وفي غياب العون الذي يشعل المدفأة، تعتمد المعلمة على فأس لقطع الحطب الذي يحضره التلاميذ من منازلهم، وتعتمد على قطعه الصغيرة في إشعال الفحم الحجري.
وتراجعت المعلمة عن تكليف بعض التلاميذ بقطع الحطب بعد إصابة أحدهم بضربة على مستوى الوجه كادت أن تفقأ عينه.

عطل إجبارية في مدارس إفران

تفرض برودة الطقس في الجماعات التابعة لإفران عطلا إجبارية على التلاميذ بسبب المرض، إذ أن الزكام والتهاب اللوزتين يتصدران الأمراض التي تصيب التلاميذ، وفق ما صرح به معلم بمدرسة أكدال بجماعة واد إفران، فضل عدم ذكر اسمه.

وأضاف لـ”المغربية” أنه لا يلتحق بالقسم سوى ثلث التلاميذ أيام البرد، وأن أغلب التلاميذ يضطرون لقطع حوالي 7 كيلومترات مشيا على الأقدام، للوصول إلى المدرسة، منها مسافات طويلة وسط الثلوج. وفي حالة عدم اشتغال مدفأة القسم، يظل هؤلاء التلاميذ يرتجفون من البرد، وبعضهم لا يستطيعون حمل القلم بين أصابعهم، وفي انتظار الاستئناس بالوضع داخل الحجرات الباردة تضيع مدة مهمة من الحصة الصباحية.

تبعد المؤسسة التعليمية عن إفران بحوالي 85 كيلومترا، فيما توجد منازل تبعد عن المؤسسة بأزيد من 10 كيلومترات، وفوق مستويات عالية في مرتفعات الجبال.
ويؤدي فقر بعض أسر أعالي الجبال إلى انتشار سوء التغذية بين الأطفال، إلى جانب غياب ملابس صوفية تحميهم من البرد.

يقول المعلم الذي تحدث إلينا بتلقائية إنه صُدم في السنوات الأولى حين استقبل من بين تلاميذه حالات تنتعل “صندلا” من البلاستيك، دون جوارب، في درجات برودة تتجاوز 5 تحت الصفر.

وإذا كان الفقر هو أصل محن أطفال المنطقة أيام البرد، فإن ضعف الخدمات الاجتماعية، بما فيها المراكز الصحية، تزيد هذه المحن شدة، إذ أن المريض يعاني في صمت ويلجأ في بعض الأحيان إلى التداوي بالأعشاب.

وبدورهم، يواجه المدرسون محنا من نوع آخر، إذ أن أغلب الحالات تواجه مشكل السكن، فتقطع مسافات للمبيت في تمحضيت، يقول مصدرنا، الذي أكد أن هناك فرعيات تابعة لأكدال، بعيدة عن الطريق الرئيسية، إذ لا خيار لديهم سوى قطع حوالي 7 كيلومترات مشيا على الأقدام، للوصول إلى الطريق حيث تمر وسائل النقل للاستفادة من خدماتها.

ويساهم غياب السكن الوظيفي في الرفع من محن المعلمين، خلال الرحلات اليومية، التي تحكم عليهم بظروف يصعب وصفها، في الشتاء والصيف، ما يؤثر على المردودية اليومية.

الطبيعة “تعرقل” الدراسة

إذا كانت تضاريس الطبيعة التي تزخر بها القرى التابعة لعمالة إقليم إفران تقف وراء إعجاب عدد من الزوار بهدف الاستمتاع بمناظر الثلوج أيام فصل الشتاء، فهي تقف أيضا وراء تعثر الدراسة، بعد محاصرتها لعدد من الدواوير.

ففي ظل الفقر وعدم وجود بعض المواد الاستهلاكية الأساسية بالأسواق القريبة من هذه القرى، لا يمكن الحديث عن الغذاء الصحي لعدد من أبناء المعوزين بمنطقة “تزكيت”، يقول أب تلميذ بفرعية تابعة لمجموعة مدارس عين عتروس، قريبة من واد يقطع الطريق على التلاميذ أيام الشتاء، ليفرض عطلة مدرسية تدوم أياما عدة.

حين تفيض مياه الواد، تفرض الطبيعة حصارا طبيعيا على تلاميذ الضفة المواجهة للفرعية التابعة لمجموعة مدارس عين عتروس، حسب المصدر نفسه، الذي أكد أن تفشي بعض الأمراض يرفع ظاهرة الغياب بالمنطقة.

وتعد أمراض العيون والسحايا من الأمراض التي تصيب التلاميذ، فيجد المعلم نفسه مجبرا على عدم استقبال المصابين في القسم حتى لا تنتشر العدوى بين زملائهم، يقول المصدر نفسه، الذي ذكر أن الماء باعتباره مادة ضرورية لا يوجد بعدد من المؤسسات، التي استقبلت في عهد سابق صهاريج مائية، لمحاربة بعض الأمراض من قبيل الأنفلونزا، ولم يجر الاستفادة منها إلى حدود الآن.

“قلة الأكل، المرض، البرد، والبعد عن المدرسة، كلها عوامل تحول دون تحقيق ظروف مناسبة للتمدرس” يقول المصدر نفسه، الذي أكد ضرورة إعادة النظر في الغذاء المدرسي وفي برنامج التدفئة المعتمد في عدد من المؤسسات، لتوفير الدفء داخل القاعات في درجات تصل، في بعض المناطق إلى 10 تحت الصفر.

في ظل ضعف الإمكانيات المادية، يعتمد عدد من التلاميذ على قوة الإرادة لتحدي الطبيعة، فيواجهون محن البرد ويقطعون المسافات، صباح كل يوم في نشوة الالتحاق بالقسم، واللقاء مع الأصدقاء، الذين يقطع بعضهم الطريق بالاعتماد على الدواب كوسيلة للنقل المدرسي في البادية.

غياب الماء الصالح للشرب

عاينت “المغربية” دخول بعض التلاميذ بقنينات ماء بلاستيكية في مؤسسة تعليمية تابعة لجماعة قروية تابعة لنيابة وزارة التربية الوطنية بإفران، وكان التوضيح، الذي أدلت به طفلة يثير الاستغراب، إذ أن المدرسة الموجودة في المنطقة التي تروي عددا من العيون والأودية، لا تتوفر على الماء الصالح للشرب.

كانت حياة تنتعل حذاء بلاستيكيا لأنه، حسب قولها، الأنسب للتنقل بين مسالك القرية أيام الشتاء، فيما كان فقر والديها يحول دون استفادتها من معطف يدفئها.

ترتدي حياة سروالا باهت اللون، وقميصا صوفيا ممزقا، لا يحمي صدرها من تأثيرات هبوب الرياح الباردة، وشعرها أشعث، لا تغطيه بقبعة أو منديل الرأس، خلافا لبعض زميلاتها اللواتي يحتمين بمعاطف وقبعات، وقفازات صوفية.

هناك تلاميذ يتحدرون من أسر ميسورة، يقاومون ما حكمت الطبيعة به على سكان المنطقة من عزلة، وقساوة الطقس، إذ يتوفر آباؤهم على دخل قار، ويجلبون كل ما يحتاجونه من السوق الأسبوعي، فيما يجعلون حطب التدفئة على رأس المواد التي تحضر لاستقبال فصل الشتاء.

مشاكل التدفئة في مدارس إفران وأزرو

كانت المشاكل التي يخلفها الاعتماد على الفحم الحجري للتدفئة محور الدردشة التي أجرتها “المغربية” مع شغيلة القطاع، خلال زيارتها لبعض المدارس في إفران وأزرو.

وإذا كانت هناك مؤسسات تعتمد على التدفئة المركزية، التي لا تؤثر على السير العادي للدراسة داخل حجرات الدرس، فإن غياب عون خاص يقوم بإشعالها، وعدم توفير الحطب لإشعال الفحم يظل المشكل القائم في أغلبية المدارس.

كان الجو مشمسا، حين زارت “المغربية” مدرسة بئر أنزران، في مدينة إفران، صباح يوم 14 فبراير، وكانت بعض المدرسات تتابع تحركات التلاميذ، الذين استغلوا وقت الاستراحة في الركود بساحة المؤسسة.

بالإضافة إلى توفرهم على ملابس شتوية تقيهم البرد، يستفيد تلاميذ مدرسة بئر أنزران من الدراسة في قاعات دافئة، ونظيفة.

بالرغم من الاعتماد على الفحم الحجري، تحتاج المدفأة المركزية للحطب، لأنه لا يشتعل بسهولة، وفي غياب عون يقوم بإشعالها، تظل هذه المدفئة مشتعلة من الاثنين إلى الجمعة، ويجري إشعالها ليلة الأحد، لكي يجد التلاميذ حجرات الدرس دافئة بداية كل أسبوع.

تتكلف جمعية آباء وأولياء تلاميذ هذه المؤسسة بجمع مبالغ مالية لشراء الحطب، ولأداء أجرة عون يتكلف بإشعال المدفئة، لمدة معينة، فيما يتدبر المدير، حسب قوله، أمره لتغطية ما يحتاجه باقي أيام البرد.

متاعب المدفآت الصغيرة

وتعد مدرسة عبد الكريم الخطابي في أزرو من المؤسسات التي تعاني مشاكل التدفئة بالفحم الحجري، بالاعتماد على مدفآت صغيرة.

تجري عمليات إشعال المدفئات عبر مبادرات فردية من قبل المعلمين، إذ أكد معلم بالمدرسة نفسه أنه يحضر ساعات قبل انطلاق الحصة الصباحية، ويشعل المدفأة ويغادر القاعة في انتظار انسحاب الدخان.

وفي هذا الإطار، أكدت إحدى المعلمات بمدرسة عبد الكريم الخطابي أن رائحة الفحم الحجري ودخانه يلحقون أضرارا برأسها، وأنها أصبحت تدمن على تناول أقراص لمواجهة الأوجاع التي تشعر بها.

وبدورهم، لم يسلم التلاميذ من المشاكل الصحية التي يخلفها الفحم الحجري، إذ يعانون، حسب المعلمة، الاختناق، الذي يؤدي إلى السعال المسترسل، ناهيك عن أعراض الحساسية وأمراض العيون.

وفي مدرسة بن خلدون بأزرو، عاينت “المغربية” وجود أكياس بلاستيكية تحتوي “فحما حجريا” غير مستعمل، ووقفت على النوع الذي أثار احتجاج الشغيلة التي رفضت الاعتماد عليه واعتبرته من النوع “الرديء”. وكان أغلب ما تحتوي عليه الأكياس البلاستيكية عبارة عن كميات الغبار الأسود، يجب تمريره عبر “غربال” كبير، لعزل قطع الفحم.

تكلفة الفحم الحجري مرتفعة

اعتبر عباس مسعودي، مدير مدرسة بن خلدون في أزرو، تكلفة التدفئة بالفحم الحجري مرتفعة بالمقارنة مع التدفئة بالحطب، إذ يبلغ سعره 3 دراهم و50 سنتيما للكيلوغرام الواحد فيما يبلغ الحطب حوالي درهما للكيلوغرام الواحد.

ويفضل مسعودي التدفئة بالحطب لأنها أقل تكلفة، وتشتعل بسهولة، كما أنها لا تخلف أوساخا داخل القاعات. ويرى أنه في إطار ترشيد المال العام باستطاعته استغلال نصف ما تكلفه التدفئة الحالية الموجهة للمؤسسة في شراء الحطب وأداء مقابل للعون الذي يقوم بإشعاله.

واعتبرت شغيلة التعليم التدفئة المستعملية حاليا تساهم في هدر الزمن المدرسي، إذ علل يوسف رشيد، المشكلة بصعوبة الاشتعال من جهة، وبمغادرة عدد من الأساتذة رفقة تلاميذهم القاعات بسبب الرائحة والدخان الذي يخلفه الفحم الحجري.

وإذا كان الهدف من استعمال الفحم الحجري هو الحفاظ على الثروات الطبيعية وحماية البيئة، يقول رشيد، فهناك فائض في كميات الحطب المعروضة في عدد من الأسواق، وبإمكانها أن تغطي حاجيات المؤسسات، وبأسعار منخفضة مقارنة مع الفحم الحجري، ما يستدعي “نزيف هدر الثروات البشرية”، خاصة أن إقليم بولمان تخلى عن التدفئة بالفحم الحجري.

وفي إطار التتبع لمشروع التدفئة بالفحم الحجري، يضيف رشيد، بينت الممارسة جانبا من الفشل في الحفاظ على الزمن المدرسي، وساهمت في هدر المال العام، إضافة إلى محن ومعاناة داخل مؤسسات التعليم.

ويرى رشيد أنه لا بد من بدائل صحية تراعي خصوصية المنطقة تعاني طقسا باردا في فصل الشتاء، ويستغرق مدة طويلة، إذ أن الموسم الدراسي يدوم حوالي 9 أشهر فيما يدوم البرد حوالي 6 أشهر.

وأكد أن ملف التدفئة يجب أن يحتل الصدارة بالنسبة لحاجيات التمدرس، لأن “الجو لا يطاق داخل الحجرات خلال انخفاض لحرارة إلى درجات تحت الصفر”.

وقال رشيد “هناك أطفال لا يتوفرون على ملابس شتوية، يرتجفون من البرد طيلة متابعتهم، داخل الأقسام، للحصص الدراسية، وهناك من يعجز عن حمل القلم بين أصابعه”

زيارة المغربية تحرك المسؤولين

بعد الزيارة التي قامت بها “المغربية” إلى مؤسسات تعليمية في إفران وأزرو، ولقائها بتلاميذ وأطر بمناطق قروية، ترأس محمد بنريباك، عامل إقليم إفران، يوم 18 فبراير الماضي، اجتماعا يهم النهوض بوضعية التمدرس بالجهة.

وفي هذا الإطار، اقترح محمد بنريباك تشكيل لجنة بصفة استعجالية لدراسة مشكل التدفئة ومعاينة مدى فعالية وصلاحية الفحم الحجري في العملية.

وأكد بنريباك، حسب تقرير حول الاجتماع أنجزه مكتب الاتصال بنيابة التعليم بإفران، توصلت “المغربية” بنسخة منه، ضرورة دراسة اللجنة لمشكل توفير المرافق الصحية، والربط بالماء والكهرباء ومشكل تحصين المؤسسات التعليمية، ومعاينة الحجرات المبنية بالمفكك وإحصائها.

وسبق أن أبدى المتدخلون، في بداية الاجتماع ملاحظات عدة تهم النهوض بالقطاع من بينها ضرورة تجهيز المرافق الأساسية لضمان جودة التعليم، وتزويد المؤسسات التعليمية والوحدات المدرسية بشبكتي الماء والكهرباء، وتسييج بعضها بسور يحفظ حرمتها.

ولم يفت المتدخلون الإشارة خلال اللقاء، الذي حضره نائب وزارة التربية الوطنية ومدير الأكاديمية الجهوية للتربية الوطنية بجهة مكناس تافيلالت، التأكيد على ضرورة إيجاد حل لمشكل التدفئة بالفحم الحجري بالإقليم، والتفكير في تخصيص الحطب المدعم، من أجل تدفئة المؤسسات التعليمية بالإقليم، مع التركيز على تعميم تجهيزات التدفئة المركزية، وإعادة النظر في مواصفات المدفآت المستعملة حاليا في التدفئة بالفحم الحجري، إضافة إلى تفادي ظاهرة الاكتظاظ بالأقسام الداخلية مستقبلا ببرمجة توسيعات في أقرب الآجال، مع احترام الطاقة الإيوائية.

الأكاديمية تنفي توصلها بشكايات تهم أضرار التدفئة بالفحم الحجري

أفاد مسؤول من أكاديمية جهة مكناس تافيلالت أن صفقة للتدفئة بالفحم الحجري أبرمت خلال موسم 2007-2008 في إطار الاستراتيجية الوطنية للحفاظ على البيئة والثروة الغابوية.

وجاء الاعتماد على التدفئة بالفحم الحجري، حسب المسؤول نفسه، بناء على دراسة بينت أن اشتعال الفحم يدوم أكثر من اشتعال الحطب، كما أن استعماله أسهل، علما أنه جرى توفير مدفآت خاصة به.

وبالمقابل، بينت دراسة مختبرية، يضيف المسؤول نفسه، أن استعمال الفحم الحجري للتدفئة لا يخلف أضرارا على المستهلك، كما أن الأكاديمية لم يسبق أن توصلت بأي شكاية حول الموضوع أو تقرير طبي يثبت آثاره السلبية على الصحة، إضافة إلى أنه مستعمل من طرف العديد من الدول الأجنبية في التدفئة.

وفي ظل غياب ما يثبت الضرر، يوضح المسؤول، يظل الاعتماد على الفحم الحجري هو المستعمل للتدفئة إلى حين يتبين العكس، باعتبار أن مصالح التلاميذ تظل من الأولويات.

تقرير النيابة حول التدفئة

أفاد تقرير نيابة وزارة التربية الوطنية بإفران حول التدفئة أن الاعتماد على الفحم الحجري بالمؤسسات التعليمية أثار جدلا منذ أزيد من ست سنوات، منذ إبرام أول صفقة، في إطار إستراتيجية وطنية للمحافظة على البيئة والثروة الغابوية المعتمدة وطنيا من طرف الوزارة الوصية على القطاع، ويجري تدبيرها في إطار تفويض جهوي من طرف الأكاديمية.

وقادت الرغبة في اكتشاف هذا النوع الجديد من التدفئة، حسب التقرير نفسه، الذي، تسلمت “المغربية” نسخة من نيابة التعليم بإفران، العديد من شغيلة القطاع إلى خوض تجربة إشعال هذه المدفئات باستعمال الفحم الحجري، إلا أن النتائج كانت في العموم مخيبة للآمال بعد استحالة إنجاح عملية الإشعال في الكثير من الحالات .

ووقفت نيابة وزارة التربية الوطنية بإفران، بعد قيامها لسلسلة من العمليات التوعوية على ملاحظات عدة من بينها، عدم التثبيت الجيد لقنوات المدفئات في أغلب المؤسسات، غياب مدفأة خاصة بالفحم الحجري ذات مواصفات جيدة يؤدى إلى تسرب الدخان، ورائحة غازات خطيرة داخل الحجرات الدراسية ، ما يشكل ضررا على صحة المتعلمين والمدرسين، وغياب الجودة في الفحم الحجري الموزع على المؤسسات التعليمية بالإقليم، فأغلب الأكياس المتوصل بها بالمؤسسات عبارة عن غبار ومسحوق غير قابل للاشتعال وليس قطع حجرية.

ونتيجة لطبيعة الطقس بالمنطقة، ونظرا لقساوة البرد خصوصا خلال فصل الشتاء، يقول التقرير، فإن الاحتجاجات تنطلق، بداية كل موسم دراسي بمعظم المؤسسات التعليمية بالإقليم، ويطرح المشكل عند كل اجتماع بين نيابة التعليم مع الفرقاء الاجتماعيين من أجل إيجاد حلول من شأنها توفير تدفئة مناسبة بهذه المؤسسات.

إن توجه الوزارة في المحافظة على الغابة، واعتماد الأكاديمية للفحم الحجري كمادة للتدفئة عند تبويب ميزانيتها، لا يمكن أن يثني جهود النيابات التعليمية، والفرقاء الاجتماعيين، وجمعيات الآباء والشركاء في اختيار نوع المادة التي يرونها مناسبة لتوفير التدفئة الناجعة بالمؤسسات التعليمية.

وثمن التقرير تراجع أكاديمية فاس بولمان عن استعمال الفحم الحجري والرجوع إلى استعمال حطب التدفئة ، كما هو الحال بنيابة بولمان المجاورة لنيابة إفران.

Exit mobile version