Site icon جريدة النهار المغربية – Alnahar

قادمون إلى الحسيمة من دول جنوب الصحراء يؤجلون حلم الهجرة نحو أوروبا

قادمون إلى الحسيمة من دول جنوب الصحراء يؤجلون حلم الهجرة نحو أوروبا

أصبحت مدينة الحسيمة في الشهور الأخيرة وجهة مفضلة لدى العديد من الأشخاص القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء الراغبين في العبور إلى الضفة الأوروبية، خصوصاً نحو الأراضي الإسبانية، حيث يعمدون في البداية إلى إيجار بيوت بأحياء المدينة للسكن.

ويقومون بذلك ضمن مجموعات متفرقة من الأشخاص، بهدف التخفيف من وطأة واجب الكراء المرتفع، وباقي المصاريف اليومية ريثما يجمعون المال الكافي وتتوفر لهم الفرصة المناسبة للمغادرة في اتجاه الضفة الشمالية عبر قوارب الهجرة السرية.
وإذا كان أغلب هؤلاء المهاجرين غير النظاميين المتحدرين من دول جنوب الصحراء يفدون على المدينة من منافذ مختلفة، وبالخصوص من موريتانيا أو من الحدود الشرقية للمغرب عبر وجدة ثم الناظور، فإن البعض الآخر منهم يحاول جاهدا لاندماج في المجتمع المحلي للريف، ولا يتوانى في التعبير عن رغبته الجامحة في الاستقرار بهذه المدينة والعيش فيها، والبحث عن فرصة عمل تضمن لهم ولأسرهم العيش الكريم والحلم بتسوية أوضاعهم القانونية والإدارية مستقبلا والاستفادة من أنظمة الرعاية الاجتماعية.
وفي هذا السياق، قالت فاطمة، المتحدرة من ساحل العاجل، وتعيش بالحسيمة منذ أشهر مصحوبة بأبنائها، إن “الاندماج الاجتماعي والنفسي داخل المجتمع المحلي الريفي لم يكن صعباً بالنسبة لنا، ويبقى العائق الوحيد هو الحصول على فرصة عمل، لأن المدينة صغيرة، وليس بها وحدات إنتاج أو معامل، ولكن الناس هنا جد طيبون واحتضنونا بحب كبير، ربما الناس هنا تعرف معنى أن تكون مهاجرا، بحكم أن غالبية سكان المنطقة لهم أفراد بالخارج، والحقيقة أننا لم نشعر يوما أننا غرباء”.
وأضافت فاطمة لـ “الصحراء المغربية” أنها كانت في البداية عازمة على مغادرة المغرب إلى إسبانيا وبعدها إلى بلجيكا، ولكن احتضان ساكنة الحسيمة لنا وتضامنهم الدائم جعلني أعدل عن فكرة الالتحاق بأوروبا، وكل ما تتمناه هو الحصول على فرصة عمل هي وابنها، الذي يتوفر على مهارات وتجربة في مجال التلحيم. “والحقيقة أنني أرغب في الاستقرار بالمغرب، فهنا الجميع يشعرك بالتضامن والاحترام والأمن”، تقول فاطمة.
وعن كيفية قضائهم لأيام رمضان، أوضحت صديقتها عائشة، التي تتحدر أيضا من ساحل العاج، أنها ليست مسلمة، ولكنها تصوم، لمشاركة المسلمين لطقوسهم ولأجوائهم الروحانية، مضيفة أن “السكان هنا يشعرونك حقا بقدسية هذا الشهر وبعظمة رسالته التضامنية، ويشعرونك بنبل الدين الإسلامي.
تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن السلطات المغربية تتعامل منذ عام 2013 مع ملف الهجرة بأبعاد إنسانية، حيث تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، التي ترتكز على تسوية وضعية عدد من المهاجرين، بهدف اندماجهم في المجتمع المغربي بسهولة، وقامت الدولة منذئذ وإلى غاية السنة الماضية بتسوية أوضاع أكثر من 50 ألف مواطن، مما مكنهم من الولوج إلى الخدمات الاجتماعية والتربوية والطبية والاقتصادية، على غرار المغاربة، كما عمدت السلطات إلى تنظيم عمليات العودة الطوعية للراغبين في ذلك، حيث استفاد منها ما بين عام 2018 وعام 2021 ما يزيد عن 11.600 مهاجر.

 

 فكري ولد علي

Exit mobile version