استضافت كلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق بجامعة الحسن الثاني في الدارالبيضاء، عالم الاجتماع «برنار لاهير» Bernard Lahire، أستاذ السوسيولوجيا والباحث في علم الاجتماع ومدير البحث CNRS بمركز «ماكس فبير بالمدرسة العليا بليون الفرنسية، في لقاء علمي نظمه، أخيرا، مختبر البحث حول التمايزات السوسيو أنثروبولوجية والهويات الاجتماعية (LADSIS) بكلية عين الشق في الدارالبيضاء، من تنظيم ثلة من أساتذة علم الاجتماع بتنسيق مع فريق عمل ملتقى العلوم الإنسانية والاجتماعية المكون من طلبة وخريجي علم الاجتماع بالكلية.
ويعد تنظيم هذا الملتقى العلمي، موعدا دأب على تنظيمه مختبر لادسيس وشعبة علم الاجتماع بالكلية، سنويا، ويرتكز على تنظيم مجموعة مهمة من اللقاءات، تجمع أساتذة جامعيين وطلبة جامعيين، في إطار ملتقى خاص بالعلوم الاجتماعية، وفقا لما وافى به الدكتور زكرياء قديري، مدير مختبر LADSIS. وتبعا لذلك، اعتاد المختبر البحثي والشعبة على استضافة شخصية مغربية في مجال العلوم الاجتماعية، إلى جانب انفتاحه على الباحثين العالميين، ومنهم شخصية برنار لاهير، ضيف الملتقى العلمي للسنة الحالية، الذي لبى الدعوة لزيارة المختبر البحثي وتبادل تجاربه الميدانية مع الطلبة والباحثين، يضيف مدير المختبر، الذي يشغل أيضا منصب أستاذ باحث في علم الاجتماع.
واتسم اليوم العلمي، الذي حضره عدد من الأساتذة الجامعيين والطلبة من أسلاك جامعية مختلفة الدرجات، ببرمجة غنية المحتوى، ركزت على مناقشة وتبادل التجربة بخصوص المنهجيات البحثية، لا سيما المتعلقة بتجربة «برنار لاهير» حول التأويل السوسيولوجي للأحلام، إحدى التيمات البحثية غير المتداولة وسط الباحثين في علم الاجتماع، والذي غالبا ما كان موضوع أبحاث علم النفس وخارج الأبحاث السوسيولوجية، وفقا لما تحدثت عنه الدكتورة ليلى بوعسرية، أستاذة باحثة في علم الاجتماع خلال تعليقها عن مضمون اللقاء.
وفي مناقشة هذا الموضوع، أبرز الباحث «لاهير» أن جميع المواضيع متاحة للبحث حولها سوسيولوجيا، بل إن انتقال الدارس لعلم الاجتماع ما بين عدد من ميادين البحث يمنح للدراسات غنى وأهمية للمادة العلمية المتراكمة.
ويعد اهتمام الباحث بهذا المجال، فكرة مختلفة وجديدة، من خلالها تهتم السوسيولوجيا بمجال الأحلام، كفضاء وعالم للمخيال والتخيل، تناوله مؤلف للباحث نفسه، اهتم فيه بتحليل الطريقة التي من خلالها يؤطر الحلم السلوكات الإنسانية ويوضح علاقة الإنسان بمحيطه وبالعالم الذي ينتمي إليه.
وهي محاولة من الباحث السوسيولوجي لتأكيد استمرارية العالم الاجتماعي في الأحلام، حيث يمكن للسوسيولوجيا اختراق اللاوعي الإنساني. ووفقا لذلك، فإن الاهتمام بتحليل الأحلام سوسيولوجيا، يمكن له أن يحيل على مشاكل تفتقر إلى حلول وتحيل على العلاقة التي تربط الانسان بالعالم الاجتماعي الذي ننتمي إليه، توضح الدكتورة ليلى بوعسرية في حديثها عن أبرز النقط التي تطرق إليها مضمون النقاش. أما بالنسبة إلى الشق الثاني من اليوم العلمي، فقد عاد أستاذ السوسيولوجيا للحديث عن الإطار المنهجي المعتمد لدراسة حالات اللامساواة خلال فترة الطفولة، انطلاقا من مضامين مؤلف جماعي عن بحث سوسيولوجي تحت إشرافه، عمل من خلاله «برنار لاهير» على إعادة بناء الفكرة.
وفي هذا الصدد، أبرز « Bernard Lahir»، أن البحث حول الطفل والطفولة لا يحظى باهتمام الدارسين والباحثين في علم الاجتماع، بالنظر إلى عدم اعتباره فضاء للمقاومة بل تجري دراسته في إطار دراسة عامة لقضايا الأسرة وليس بمعزل عنها، وبالتالي ظل موضوع الطفولة، أيضا، موضوع الباحثين من الناحية النفسية، لفترة طويلة، كما هو الأمر بالنسبة إلى دراسة الأحلام.
وبهذا الخصوص، تطرق مدير البحث CNRS بمركز «ماكس فبير بالمدرسة العليا بليون الفرنسية، إلى الدراسة حول اللامساواة المدرسية وسط فئة الأطفال، والتي يمكن من خلالها اعتماد منهجية تعتمد على إدماج الأشخاص ذوي الدلالة أو من خارج حقل الدراسة، من قبيل الجدات والمربيات ومن في مقامهما، إلى جانب مقابلة الوالدين والأطفال المتمدرسين أنفسهم، مع مواكبة الأطفال موضوع الدراسة من خلال تمارين خاصة وملاحظاتهم في ميدان البحث للاقتراب من التفاصيل الدقيقة لسلوكاتهم داخل القسم الدراسي ودراستها اثنوغرافيا.
وبخصوص المنهجية العلمية، شدد «لاهير» على أمر تنبيه الطلبة والباحثين إلى أهمية التسلح بمجموعة خصال علمية وإنسانية، منها الاتسام باللباقة والاستماع الجيد للمشاركين في الأبحاث خلال المقابلات، مع تفضيل منح الأولوية للاستماع إلى النساء قبل الرجال، سيما عندما يتعلق الأمر بدراسة قضايا أسرية لتفادي محدودية انسيابية الرجال في الإجابات عن أسئلة المقابلات الميدانية، وبالتالي استثمار الصفة المشتركة بين عدد كبير من النساء في الحكي الاثنوغرافي.
وينضاف إلى ذلك دعوته إلى العناية منهجيا بدراسة «الميكرو تحولات اجتماعية» من خلال تبني المنهجية التي تساعد على الإجابة عن سؤال سوسيولجي معين، مع الاستعانة بفريق عمل متعدد التخصصات والكفاءات المختلفة، لربح الوقت والجهد والإمكانات، وبالتالي إتمام مهمة البحث باعتماد مبدأ العمل الجماعي.
تجدر الإشارة إلى أن اللقاء العلمي سهر على تنظيمه مجموعة من الأساتذة الجامعيين، أعضاء مختبر «لادسيس»، تضم الدكتورات فاظمة ايت موس، ليلى بوعسرية والدكتور زكرياء قديري، مدير مختبر لادسيس.
