تعج شوارع القنيطرة بالمتشردين والمختلين عقليا من مختلف الفئات العمرية ومن الجنسين، يعيشون في ظروف بائسة وغير إنسانية، ويتسبب الاستهلاك المفرط للكحول والمخدرات القوية في تدهور حالتهم العقلية مما يؤدي إلى حالات العنف والتشاجر بينهم، كما يعرقلون حركة السير وأحيانا يلحقون الأذى بالمواطنين وبالممتلكات الخاصة والعامة،
ولعل من بين أهم الأسباب التي تجعل من هذه الظاهرة تستفحل بشكل مهول في السنوات الأخيرة غياب مستشفى متخصص في الطب النفسي والعقلي بالمنطقة والنقص الحاد في دور الرعاية الاجتماعية للتعامل مع العدد المتزايد من المتشردين.
وتحولت بعض المباني المهجورة في عدد من أحياء القنيطرة إلى مأوى للمتشردين حيث يمارسون سلوكاتهم المشينة، ولا يقتصر الأمر على البالغين فحسب بل يوجد كذلك أطفال ورضع يعانون من الحالة ذاتها برفقة أمهاتهم المتشردات غالبيتهن قاصرات. وتصاعدت في الآونة الأخيرة الأصوات المنادية بالتدخل الفوري للقائمين على الشأن المحلي بالمدينة لمواجهة المعضلة واتخاذ تدابير عاجلة للحد من انتشار المتشردين والأشخاص بدون مأوى وتوفير الرعاية اللازمة لهم وإنقاذ المدينة من التحول إلى مكان لتجمع هذه الفئة الهشة التي تشكل خطرا على نفسها وعلى باقي أفراد المجتمع.
واستجابة لهذه الدعوات، قامت السلطات المحلية بالقنيطرة خلال الأيام الأخيرة بشن حملة مكثفة لجمع المتشردين والأشخاص بدون مأوى، وجاب أعوان السلطة معززين بعناصر من القوات المساعدة مجموعة من الأحياء والشوارع التي تعتبر نقطا سوداء يوجد بها عدد كبير من المتشردين والمختلين عقليا، وتم نقلهم إلى مركز الإيواء “دار المواطن” الكائن بحي الوفاء، حيث تم تجهيزه لاستقبال الفئات المستهدفة وتأمين احتياجاتهم الأساسية بما فيها الغذاء والملابس والرعاية الصحية.
وتم تنظيم هذه الحملة بالتنسيق مع مندوبية التعاون الوطني بالقنيطرة وجمعية أفكا للتضامن والتنمية المشرفة على مركز الإيواء “دار المواطن”، وتأتي هذه الحملة في إطار جهود السلطات المحلية للمدينة لمعالجة مشكلة انتشار المتشردين والأشخاص بدون مأوى، حيث تم إلى حدود اليوم إنقاذ العشرات من الأشخاص يعيشون وضعية التشرد وتم نقلهم إلى المركز السالف الذكر.
وحظيت هذه الحملة بإشادة واسعة من قبل سكان القنيطرة واعتبروها مبادرة مهمة ستساهم لا محالة في الحد من “احتلال” الأشخاص بدون مأوى لمجموعة من المناطق والشوارع الرئيسية للمدينة وهو ما يشكل إزعاجا لهم ويبث أحيانا الرعب في نفوسهم لا سيما أن من بين هؤلاء أشخاص يعانون من اضطرابات نفسية وعقلية، واعتبروا أن الحملة ستساهم في توفير الرعاية الاجتماعية والدعم النفسي لهذه الفئة كما ستسمح لها في الاستفادة من فرصة للتعافي وإعادة بناء حياتهم.
أسماء ازواون
