Site icon جريدة النهار المغربية – Alnahar

مهنيون: حفلة أم كلثوم “الهولوغرامية” في “موازين” تدعم الصناعة الثقافية بالمغرب

مهنيون: حفلة أم كلثوم "الهولوغرامية" في "موازين" تدعم الصناعة الثقافية بالمغرب

لم تكن المصرية أم كلثوم أو “كوكب الشرق” تدرك أنها ستعود إلى مدينة الرباط بعد حوالي نصف قرن على وفاتها من أجل خلق دينامية بمسرح محمد الخامس في إطار فعاليات الدورة التاسعة عشرة من مهرجان موازين إيقاعات العالم، خالقة بذلك مساحة فرجوية داخل الفضاء الذي كان ممتلئا بمن اكتنفوا فضولا حول هذه الحفلة الاستثنائية.

واهتدت إدارة المهرجان إلى إقامة حفلة استثنائية بالمسرح ذاته، تطل من خلالها أم كلثوم على محبيها وعشاقها المغاربة عن طريق تقنية الهولوغرام، وهو ما نال رضى الحاضرين الذين تمكنوا ولو افتراضيا من الاستمتاع بأمسية للمطربة المصرية الشهيرة التي رحلت عن دنيا الناس سنة 1975.

وأثارت الحفلة الهولوغرامية لأم كلثوم ردود فعل واسعة بعد أن عُدت هذه المرة الأولى التي يتم خلالها اعتماد هذه التقنية في الإخراج ضمن فعاليات المهرجان، وهو عبر عنه مغردون اجتماعيون ثمنوا هذه الفكرة التي اعتبروها “نموذجية وتساهم في تطوير الصناعة الثقافية بالمملكة، ومواكبة التطور الجاري على المستوى العالمي”، في حين أن آخرين حصروا النقاش في زاوية إنسانية دينية خالصة.

وقالت مقدمة الحفل:”كانت سهرة للتاريخ عبر تقنية الهولوغرام اختلطت فيها المشاعر وسافرنا إلى الماضي، فيما ظل الجسد في زماننا الحاضر”. بينما قال أحد النشطاء الرقميين إن “التقنية في عمومها خداع للعقل البشري والتأمل فيها يبين حقائق مرعبة في جوهرها أكثر مما نتصور”؛ فيما طالب آخرون بتطبيق الأسلوب ذاته مع فنانين مغاربة من رواد الزمن الجميل.

ويعد الهولوغرام تقنية بصرية تمكن من إنشاء صور ثلاثية الأبعاد باستخدام أشعة اللايزر، فتطفو الصورة في الهواء كمجسم هلامي يتجسد على الشكل المراد عرضه. وتعمل هذه التقنية في الأساس من خلال حدوث تصادم بين الموجات الضوئية والشيء المرغوب في عرضه، ويعود أصلها إلى العالم دينيس غابور الذي كان يحاول في العام 1947 تكبير الميكروسكوب الإلكتروني.

وليست هذه التقنية بالجديدة في المجال الفني بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث عادة ما يتم اعتمادها في إحياء حفلات غنائية، سواء في فضاءات مغلقة أو مفتوحة، غير أن اعتمادها بمهرجان موازين أشعل حماس مهنيين بأن تكون هذه التقنية من بين رافعات التحول بالقطاع والتوجه نحو تطوير الصناعة الثقافية بالمملكة.

تفاعلا مع الموضوع قال إبراهيم الشكيري، منتج ومخرج فني، إن “هذه المبادرة تظل استثنائية والمجال الثقافي والفني بالمملكة يحتاج إليها من أجل تحبيب الفن والموسيقى لقلوب عدد ممن مازالوا يرونه من الكماليات، وبهدف تحريك الإبداع في القطاع الذي يظل جزءا من الاقتصاد الوطني كذلك”.

وأضاف الشكيري، مُصرّحاً لجريدة النهار، أن “هنالك خطوات مغربية مهمة في هذا الصدد، غير أن ما يقف وراء تطويرها هو الحاجة الملحة إلى استثمارات وازنة ومهمة في مجال السينما والتلفزيون والفن وتنظيم التظاهرات الثقافية بالمملكة، ما دمنا نتحدث عن المملكة كصلة وصل بين ثقافتين؛ إفريقية وأوروبية”.

واعتبر المتحدث ذاته أن “هذه فرصة لتحفيز الاستثمار والابداع والإنتاج الثقافي والفني بالمملكة، حتى نؤسس لصناعة ثقافية ونرفع من مساهمات القطاع الثقافي في الناتج الإجمالي القومي، وإخراج القطاع من الكلاسيكية ليتماشى مع التطور على المستوى العالمي”، موردا أن “الصناعة الثقافية المغربية بحاجة إلى الإبداع وإلى مواكبة التطور والتقنيات الجديدة في الإخراج والعرض، على أن تكون هذه المبادرة بداية لمبادرات أخرى”.

من جهته قال محمد الأشراقي، فنان موسيقي باحث في الشؤون الثقافية، إن “الحفل كان تعبيرا عن ضرورات التأقلم مع المستجدات التقنية العالمية والمزج الذي يجب أن يكون بين الموروث الماضي والتقنيات المعاصرة، بما يعيد الحياة إلى فنون سابقة، إذ رأينا شوقا لدى المغاربة للحضور في هذه الحفلة الاستثنائية”.

وبيّن الأشراقي، مصرحاً لجريدة النهار، أن “العنصر الهولوغرامي يدعم الفن ويمكن من تطوير الصناعة الثقافية بالمملكة”، وزاد: “لا يجب أن تكون هنالك عقدة في هذا الصدد، فما أحوجنا إلى وسائل جديدة تمكننا من التواصل مع الجيل الجديد وربطه بالزمن الجميل”، متابعا: “العصرنة تفرض علينا التكيف مع الواقع ومحاولة التأقلم مع تغيرات العالم بشتى القطاعات، بما فيها الفني والثقافي”.

وبحسب المتحدث ذاته فإن الهولوغرام “يعيد التاريخ الذي يجب أن نتصالح معه ونستثمر فيه في إطار صناعة ثقافية حقيقية واضحة المعالم، تستجيب للفضول الثقافي الذي نجده لدى جميع المغاربة”، داعما المضي قدما نحو اعتماد هذه التقنية في مختلف التظاهرات المغربية، “بما يسمح باسترجاع الماضي والتأسيس لصناعة ثقافية مُرسملة تستجيب لتطورات العصر”.

Exit mobile version