بعدما كان ملفا مفتوحا للنقاش في مختلف أنحاء العالم منذ ما يزيد عن عقد من الزمن، أطلق سراح جوليان أسانج، مؤسس موقع ويكيليكس، الذي سرب وثائق أمريكية سرية كشفت جرائم حرب للولايات المتحدة في دول من بينها العراق وأفغانستان، وقدمت رؤى واستنتاجات الخارجية والجيش وواشنطن حول أقطار من بينها المغرب.
وأتت صفقة إطلاق سراح أسانج ليعود إلى أستراليا، بعد اعتقاله لمدة خمس سنوات ببريطانيا، من قلب السفارة الإكوادورية التي كان لاجئا بها، موئلا من التهجير إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث كانت تنتظره محاكمة كان من الممكن أن تصل مدة السجن التي تنطق بها، بناء على التهم الموجهة إليه، أزيد من قرن.
وعرفت قضية جوليان أسانج تضامنا وحملات دولية لوقف ترحيله إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وتدخلات شخصيات صحافية وحقوقية وأكاديمية قدمته رمزا لحرية وصول الجمهور إلى المعلومة؛ من بينها تدخلات للصحافي البارز إدوي بلينيل الذي قدم قضية أسانج بوصفها الملف الحاسم في مستقبل حرية الصحافة بالعالم؛ أي محاكمة ناشر أخبار تلقاها مسربة من “نافخي صفارة” لم ترقهم أعمال غير قانونية ضد الإنسانية، طلبا للمحاسبة، بعدما حال دونها ودون معرفة “الرأي العام” بما يجري حقيقة بأموال ضرائبه الجانب العميق في الإمبراطورية الأقوى في عالم اليوم.
وفضلا عن ما كشفته ويكيليكس منذ ما يقرب من 14 سنة حول استهداف مدنيين ومسؤولين أمميين وصفقات في مختلف أنحاء العالم، من بينها العلاقة بإسرائيل، وهو ما وصفه الأكاديمي الأمريكي البارز نوام تشومسكي بأنه “يكشف الكره العميق للديمقراطية عند قيادتنا السياسية”، تطفو على سطح إطلاق سراح أسانج أحداث سبق أن نبه إلى عدم انتباه الإعلام الدولي لها أو طرحه لها جانبا، وأوردها في كتاب جماعي مفصل نشر بالإنجليزية بعنوان “ملفات ويكيليكس.. العالم وفق الإمبراطورية الأمريكية”.
وفي ظل الحرب على غزة الفلسطينية والحرب الروسية الأوكرانية، تطفو على سطح النقاش تحليلات لأسانج حول الجانب المخفي من الحروب الدولية، انطلاقا من نموذجي الحرب التي قادتها أمريكا مطلع الألفية الثالثة على العراق وأفغانستان.
ومن أوجه الحرب التي نبه إليها مؤسس “ويكيليكس” أن “(…) الهدف لم يكن الإخضاع الكلي لأفغانستان، بل الهدف هو استغلال أفغانستان، وعبرها غسل المال القادم من القواعد الضريبية بالولايات المتحدة الأمريكية والقواعد الضريبية للدول الأوروبية، لتعود بعد ذلك إلى يد صناعة أمنية عابرة للأوطان (…) الهدف هو خوض حرب لا تنتهي، لا خوض حرب ناجحة”.
