تفاجأ عدد من مهنيي الصيدلة بحدوث تغيير في تصنيف دواء خاص بتسكين الآلام، يحتوي في تركيبته الفعالة على مكوني “الباراسيتامول” و”الكوديين”، وذلك بنقله إلى اللائحة “أ”، التي بموجبها بات من الإلزامي على الصيادلة حصر صرف هذا الدواء بعد إدلاء المريض بوصفة طبية.
ويتعلق الأمر بدواء يدخل في علاج وتسكين الآلام الحادة لدى الإنسان، بداية من عمر 15 سنة، والتي لا يمكن تهدئتها بواسطة المسكنات المحتوية، فقط، على «الباراسيتامول» أو «إيبوبروفين» وحدها.
وترجح دواعي إعادة تصنيف الدواء بإدراجه في اللائحة رقم «أ» إلى احتوائه على مادة «الكوديين»، التي تعتبر إحدى المواد المندرجة ضمن لائحة الأدوية الطبية، التي تدخل في علاج الأمراض النفسية والجهاز العصبي، التي يشترط في صرفها للمريض الإدلاء بوصفة طبية لتفادي استعمالها في أغراض غير طبية بغرض التخدير.
وأثار هذا التغيير، الذي يصفه عبد الرحيم دراجي، دكتور في الصيدلة، عضو الجمعية المغربية لتطوير الصيدلة (Smvao)، بـ»المفاجئ»، كونها عملية انتقالية لم يجر خلالها إشعار الصيادلة لأجل الانتباه أثناء عملية صرف الدواء، سيما أن هذه النوعية من الأدوية، كانت إلى أيام قليلة، تصرف للمرضى من دون وصفة طبية رغم احتوائها على مادة «الكوديين».
وأوضح دراجي أن عنصر المفاجأة، جاء بعد حدوث تغيير في شكل علبة الدواء وإضافة علامات انتقاله إلى اللائحة «أ» مع التوصية باحترام الجرعات منه، من خلال مؤشر اللون الأحمر المبين فوق علبة الدواء، وهو ما أثار حفيظة بعض مهنيي الصيدلة بسبب عدم إخبارهم بهذا التغيير الذي فاجأهم.
وفي هذا الصدد، ينبه دراجي إلى التبعات الخطيرة التي يتحملها العاملون في القطاع بسبب إشكالية استغلال الأدوية الخاصة بعلاج الأمراض النفسية والعقلية بغرض التجارة في المخدرات أو لسلوكات إدمانية، من أمثلتها متابعة مجموعة من الصيادلة بسبب صرفهم لأدوية تدخل في لائحة علاجات الأمراض النفسية أو العقلية، ومنها دواء «ترامادول» بتهمة صرف دواء من دون وصفة طبية، يندرج في اللائحة «أ»، بتهمة بيع مواد مخدرة بغرض الإدمان أو تسويق المخدرات، بينما تكون نية الصيدلي تقديم دواء لمريض يتعذر عليه الولوج إلى الدواء، بينما لا يتوفر على وصفة الطبيب، يوضح الفاعل الصيدلي نفسه.
وفي هذا الصدد، دعا الدكتور دراجي إلى تعيين لجنة تضم مهنيي الصحة لأجل النقاش والتداول حول هذا الموضوع لتوفير حلول للمهنيين ولحمايتهم من المتابعات القضائية، واستصدار توصيات بغاية تأمين ديمومة صرف هذه النوعية من الأدوية دون أي معيقات، لتمتيع المرضى بحقهم في الولوج إلى علاجاتهم، لا سيما منهم الذين يحتاجون إلى أدوية تضم مواد طبية تعد مهمة وحيوية لتهدئة أوجاع مرضى في فترة نهاية حياتهم لتسكين الآلام التي تحذق بهم.
ويأتي هذا المطلب، في سياق توفر مجموعة من الأدوية والمحاليل الطبية التي تتوفر على مادة «الكوديين»، والتي يمكن أن تتحول إلى «مورفين» عند الإفراط في أخذ جرعات منها أو استعمالها لأغراض غير طبية، من أجل الدخول في لحظات من فقدان الوعي بالواقع والانقطاع عن العالم الواقعي، إلا أن ذلك لا يجب ضرب حق المرضى الذين يوجدون، حقيقة، في حاجة إلى هذه النوعية من الأدوية، يبرز دراجي.
تجدر الإشارة إلى أن مهنيي الصيدلة يطالبون وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، منذ فترة، باستصدار لائحة شاملة بمختلف أنواع الأدوية التي تدخل في علاج الأمراض النفسية والعقلية المسوقة في المغرب، على أساس نشرها بموقع الوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، مع الحرص على تحيينها بشكل دوري ومستمر عند إضافة كل دواء جديد، لتكون مرجعا لمهنيي القطاع لصرفها بعد الادلاء بوصفة طبية آمنة والامتناع عن ذلك في غياب هذه الوثيقة الطبية.
كما يصاحب المطلب نفسه، استصدار لائحة خاصة بالأدوية التي تستعمل خارج الإطار الطبي بغرض الاتجار في المخدرات، أخذا بالاعتبار وجود عينة محدودة من الأدوية الخاصة بعلاج الأمراض النفسية والعقلية التي يستعملها تجار المخدرات لأغراض غير طبية، يفيد عضو الجمعية المغربية لتطوير الصيدلة.
