Site icon جريدة النهار المغربية – Alnahar

معرض الرباط يرفع مبيعات دور النشر وسط تحذيرات من “الكتاب المقرصن”

معرض الرباط يرفع مبيعات دور النشر وسط تحذيرات من "الكتاب المقرصن"

لا يبدو اليوم ما قبل الأخير من الدورة التاسعة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط “عاديا”؛ لكنه حتما “مألوفا”. منذ صبيحة السبت، طوابير مكتظة تُقبل على اقتناء التذاكر، لتبضع الكتب أو للتنزه في فضاءات معرض نال “إشادات” أكثر مما تلقاه من “انتقادات”. لكن “لحظة الوداع” هذه ضخت آلاف الدراهم، أو ربما عشرات الآلاف في صناديق دور النشر، خصوصا “الكبرى” التي عاينت جريدة النهار إقبالا عاليا على أروقتها.

المتجولون بـ”كثافة” في “حارات المعرض”، خصوصا من يربي في قلبه شيئا من حب الكتب، يعوّلون على “تخفيضات” هذا اليوم الذي يسبق يوما سيمحي أثر بنايات مركبة ضخمة وسيغيبها حتى الدورة الـ30 (2025). وحسب أكاديميين ومفكرين دردشت معهم جريدة النهار خلال هذه المحطة، فالملتقى ليس وعدا نهائيا بـ”نهضة قرائية”؛ بيد أنه فرصة للتعرف على دهشة الورق.

تلج جريدة النهار الأروقة، وتلاحظ أول ما تلاحظ أن بعض دور النشر الكبرى حصدت “حصة الأسد” من الزوار، لاسيما أفريقيا الشرق والمركز الثقافي للكتاب والمركز الثقافي العربي وغيرها، باعتبارها من دور النشر التي لها عقود مع أسماء مغربية بارزة تغري القارئ المغربي وتكتُب في مجالات الفكر والأدب والفلسفة والعلوم الإنسانية والاجتماعية بشكل عام.

ولا تُخطئ العين عمليات تحسس رفوف المؤلفات وتصفح عناوينها ثم فهارسها والسؤال بحماس عن سعرها. وأما “حفلات التوقيع”، فقد كانت “مهمة إضافية” تضمن اللقاء الفيزيائي والواقعي بين القراء والكتّاب وتساعد هؤلاء للهبوط من “برجهم العاجي”، حسب تعبير أحد أرباب دور النشر الذين حط قلم جريدة النهار بين كتبهم.

معرض بلا قرصنة

تبدأ الرحلة الاستطلاعية مع دار أفريقيا الشرق، حيث تصادف الجريدة نجيب فايتا، مدير توزيعها، الذي أقر بأن الدورة الثالثة من المعرض في الرباط “عرفت إقبالا عاليا”، مضيفا أن الدار مع مطلع السنة ظهرت لديها تخوفات حول أن القارئ “التقليدي انتهى” وأن “فعل القراءة تراجع” كما يروج في الأوساط البحثية والأكاديمية.

وهو يتحدث بنوع من الاطمئنان عن استمرار “الدهشة الإيجابية” التي تحضر حين يرى الزوار الكتب، لفت فايتا إلى أن “الـ60 إصدارا الجديدة التي حملتها الدار للمعرض، موزعة بين كل الحقول، تلقاها القراء بعناية كبيرة من خلال الاهتمام بمطالعتها وشرائها”، وزاد: “هذا فاجأنا في الحقيقة، لكون توقعاتنا كانت تسير في منحى مختلف”.

وبخصوص نوعية القراء، أكد مدير التوزيع أن “الزبائن لم يسجلوا ملاحظات مباشرة بخصوص الأثمنة، وكانت هناك شرائح مختلفة من الزبائن، بحيث تنقب كل شريحة عن كتب تتقاطع مع اهتماماتها”، مسجلا أن “هذا الإقبال جعلنا نعتبر في الدار، وهذا انطباع أولي في ظل عدم توفر معطيات، أن هناك زيادة في المبيعات بين 25 أو 30 في المائة مقارنة مع السنة الماضية”.

وعن إغلاق رواقين بالمعرض بحر الأسبوع بسبب ترويج الكتب المقرصنة، لم ينكر المتحدث أن “الأمر مقلق”، لكونه “يشكل تحديا لجميع دور النشر التي تستثمر في المجال”، داعيا إلى المزيد من الحزم في الدورات المقبلة حتى لا نسمح بهذا الأمر مجددا؛ لأنه لا يجوز أن يكون معرض دولي يتضمن كتبا من هذا النوع، الذي يضر بحقوق المؤلف.

“ضمن الأفضل عربيا”

تغادر جريدة النهار نحو جناح المركز الثقافي للكتاب “الجار الأول” لجناح أفريقيا الشرق، فصادفنا مديره العام، بسام الكردي، الذي لم يتردد في تقاسم وجهة نظره معنا، قائلا: “يبدو لي أن الدورة الـ29 للمعرض تعزز التطور الذي عرفته هذه التظاهرة حين انتقلت إلى الرباط”، مسجلا أنه ناحية التنظيم فهو جيد جدا واحترافي مقارنة بباقي المعارض العربية.

وتطرق الكردي في تصريحه أيضا للمبيع، بحيث كشف وجود تطور سنوي في هذا الباب، و”هذه الدورة عرفت دينامية أكثر ضمن هذا الجانب”، ثم استدرك: “الناشر مع ذلك لا يبحث عن المبيع حصرا، لأن الكتب تبيع نفسها؛ لكن هناك أشياء مهمة مثل الجلسات الخاصة التي نستضيفها يوميا مع المثقفين”.

وأورد الناشر أن “لقاء القيمين على النشر مع المثقفين الذين يتعاملون معهم هو فرصة ثمينة تتيحها فلسفة المعارض، قصد محاولة ملاءمة مسار النشر مع ما يطلبه المثقف”. وزاد: “تعد الاحتفائيات المماثلة محورية لمعرفة توجه القراءة في كل بلد، وفضاء الرباط دولي بمعنى الكلمة، ونقل المعرض إلى العاصمة خلق زبونا نوعيا”، بتعبيره.

ولفت المتحدث عينه إلى أن “اشتغال دور النشر يتم طيلة السنة؛ ولكن هذا المعرض فرصة للتعريف بالعناوين الجديدة، خصوصا أننا جئنا مُحملين بـ35 عنوانا جديدا”.

وختم بسام الكردي بالحديث عن المبيعات في أرقام قائلا: “لا تتوفر معلومة نهائية؛ بيد أنني أتوقع أنه أفضل من السنة الفارطة حسب حجم الجمهور الذي يدخل إلى الجناح وحسب مقتنيات المثقفين، وهو من الدورة الأولى بالرباط، ونسبة البيع ترتفع بنحو 8 في المائة سنويا”.

“لقاء حيوي”

بعد تشكيل “تصور ميداني” عن المعرض وحصيلته من وجهة نظر أفريقيا الشرق والمركز الثقافي للكتاب، نتجه نحو المركز الثقافي العربي، حيث نقابل أحد ناشريه فادي فاضل، الذي اعتبر أن “جودة البناء الهيكلي والبناء التنظيمي هي تحصيل حاصل، لكوننا دخلنا الدورة الأولى بالرباط سنة 2022، وشعرنا بالدهشة”، معتبرا أن “ما وصله المعرض هذه السنة هو طبيعي بالنظر إلى تطوره”.

وأضاف فاضل، الذي كان يتحدث وهو يبدو مضغوطا نتيجة الحركية العارمة بالرواق، أن “نقله من الدار البيضاء إلى الرباط خلق لدينا في الدار أسئلة كثيرة بحكم أننا نوجد أساسا في العاصمة الاقتصادية”، وزاد: “انتقلنا في النهاية باطمئنان وارتياح لأن لدينا زبونا نوعيا هنا أيضا، ولهذا هناك توقع بأن المبيعات شهدت بدورها ارتفاعا نسبيا”.

وبخصوص مميز للدور هذه السنة، ربط المتحدث ذلك باختيار توقيت شهر ماي هذه السنة، معتبرا ذلك “خطوة موفقة، بحكم أن هذا الشهر ما زال يضمن جوا أدبيا قويا”، مشددا وهو يختم على أن “الحدث يعد منصة أساسية وورشة حقيقية للتواصل والتعرف أكثر على قراء من مناطق مختلفة، خصوصا أننا نتحدث عن المعرض الدولي الوحيد الموجود في المغرب، وهو نقطة اللقاء مع الجميع”.

Exit mobile version