Site icon جريدة النهار المغربية – Alnahar

البطالة تهدد المرشدين غير النظاميين بسبب تراخيص مزاولة المهنة

البطالة تهدد المرشدين غير النظاميين بسبب تراخيص مزاولة المهنة

سعيا منها لإصلاح وتنظيم مجال الإرشاد السياحي، أطلقت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني مبادرة لتسوية الوضعية القانونية للراغبين في ولوج مهنة الإرشاد السياحي، وأعدت لذلك امتحانا مهنيا لفائدة الأشخاص الذين يتوفرون على كفاءات ميدانية ولا يستوفون شرط التكوين المنصوص عليه في القانون رقم 05.12 المتعلق بتنظيم مهنة الإرشاد السياحي، وهو ما استبشرت به خيرا فئات عريضة من المرشدين غير النظاميين ممن يمتلكون كفاءات مهنية عالية وراكموا تجربة ميدانية تستحق الإشادة.

وتبعا لذلك، انخرط المرشدون غير المرخصين بمدينة فاس، على غرار باقي المدن المغربية، في هذه المبادرة واجتازوا مباراة الولوج لمهنة الإرشاد السياحي آملين في حصولهم على التراخيص التي تخول لهم ممارسة المهنة في ظروف جيدة وتحسين واقعهم المعيشي، غير أنه وبمجرد صدور نتائج الامتحان فوجئ أزيد من 100 مرشد غير نظامي بعدم قبولهم بالرغم من توفرهم على تجربة ميدانية امتدت لسنوات طوال تراوحت ما بين 30 و40 و50 سنة، اكتسبوا من خلالها خبرات مميزة واعترافا من قبل جميع الشرائح الاجتماعية والسياح من مختلف الجنسيات بفضل الخدمات الجليلة التي قدموها، والتي لم تقتصر فقط على تصميم رحلات غنية بالمعرفة والثقافة ومرافقة الوافدين في جولاتهم السياحية بل امتدت إلى تأمين سلامتهم الجسدية منذ أن تطأ أقدامهم المدينة حتى رحيلهم عنها، وهذا ما أكسبهم سمعة طيبة وإشادة دولية باعتبارهم سفراء للمملكة.
وفي هذا الصدد، تحدثت “الصحراء المغربية” إلى مجموعة من المرشدين غير النظاميين بمدينة فاس الذين لم يتمكنوا من اجتياز المباراة التي كانوا يمنون بها أنفسهم لتحقيق حلمهم وتسوية وضعيتهم القانونية، لكن عوضا عن ذلك تلقوا صدمة قوية وشعورا بالظلم والتهميش عقب صدور نتائج الامتحان، حسب تصريحاتهم، معتبرين هذا الأمر ليس مجرد فشل في الاختبار بل هو تجاهل لمجهوداتهم وتفريط في تجربتهم وخبرتهم الثمينة بعد مسيرة مهنية طويلة ومليئة بالكفاح والتفاني، وهو ما جعلهم يدشنون سلسلة من الوقفات السلمية احتجاجا على عدم شملهم في عملية إصلاح القطاع وهيكلته وللمطالبة بإنصافهم ومنحهم التراخيص اللازمة لممارسة مهنة الإرشاد السياحي بما يحفظ كرامتهم.
إدريس شهبون، صاحب الـ56 عاما، بدأ مسيرته المهنية في مجال الإرشاد السياحي عندما كان في سن السادسة عشرة، منذ ذلك الحين لم يدخر جهدا في تقديم خدمة متميزة للسياح الذين يزرون مدينته العتيقة بفاس، امتدت مسيرته على مدى أربعين سنة، حيث اكتسب خبرة غنية وتعلم لغات عديدة بما فيها الإنجليزية والإيطالية والإسبانية، وهو ما ساعده على توسيع دائرة تواصله مع السياح من مختلف الجنسيات، فضلا عن تميزه بالثقافة العالية واطلاعه العميق على تاريخ المدينة، ما جعله يحظى بسمعة طيبة كمرشد سياحي محترف، وبالإضافة إلى مرافقة السياح كان ادريس يضع سلامتهم الأمنية في أول اعتبار مما أكسبه تقديرا واحتراما من قبل الزوار.
يقول إدريس في حديثه لـ”الصحراء المغربية” إنه كان يأمل خيرا من المبادرة التي أطلقتها الوزارة واستشف حين اجتاز مراحل الامتحان أن الأمور ستؤول لصالحه، إلا أنه تفاجأ بعدم قبوله إلى جانب مجموعة كبيرة من المرشدين غير النظاميين الذين تقدموا لهذا الاختبار، ولم يتم قبول سوى خمسة فقط من المرشدين غير المرخصين، في الوقت الذي استطاع أزيد من 84 شخصا لا علاقة لهم بمهنة الإرشاد السياحي، وفقا لقوله، النجاح في المباراة، مشيرا إلى أن هذه الخطوة وضعته وزملاءه في حالة من الاستياء وجعلتهم يشعرون بالظلم والتهميش، خاصة وأنهم تركوا في هذه الحالة دون أن تكلف الجهات الوصية نفسها عناء توضيح الأسباب التي آلت إلى إقصاء 100 مرشد غير نظامي من تسوية وضعيتهم القانونية ومنحهم التراخيص لمزاولة مهنة الإرشاد السياحي.
وتابع المتحدث ذاته أنه ورفقاءه وفي غياب الشارات القانونية لممارسة الإرشاد السياحي، يواجهون تحديات كبيرة أبرزها خطر الاعتقال من قبل الشرطة السياحية لأن وضعيتهم غير قانونية وهو ما سيفقدهم مصدر رزقهم الوحيد ويزيد من حالة الاحتقان والتذمر الذي يعانون منه بسبب تراكم الديون وعدم قدرتهم على تحمل تكاليف المعيشة ومصاريف السكن والتطبيب، حيث إن أغلب هؤلاء، يقول إدريس، يكترون منازلهم ويعانون ضنك العيش، وهو ما يهدد هذه الفئة بالتشرد والضياع بعدما ساهمت في إنعاش السياحة بمدينة فاس وقدمت خدمات جليلة لهذا القطاع مشهود لها على المستوى المحلي والدولي.
هذا الألم الذي يشعر به إدريس يتقاسمه معه زميله محمد رسام، الذي قضى بدوره أزيد من 40 سنة من عمره في ممارسة الإرشاد السياحي غير المقنن، والذي وصف في حديثه لـ”الصحراء المغربية” نتائج المباراة الأخيرة بـ”المهزلة” موضحا في هذا الصدد أن الإقصاء الذي مني به المرشدون غير النظاميين ليس الأول منه نوعه، فقد سبق أن شملت، وفقا لقوله، خروقات في الامتحان الذي أجري عام 2018 وتم إعطاء تراخيص لمجموعة من الأشخاص غير أكفاء وفي ظروف “مشبوهة” حسب تعبيره، من بينهم أفراد لا علاقة لهم بالإرشاد السياحي.
وأكد المتحدث ذاته أنه عازم وباقي زملائه على مواصلة النضال بشكل سلمي وإلى آخر رمق حتى تتم إعادة النظر في قضيتهم وإنصافهم من خلال تسوية وضعيتهم القانونية والترخيص لهم بمزاولة مهنة الإرشاد السياحي وتحقيق العدالة لهم.

أسماء إزواون

Exit mobile version