الجزائر تسعى إلى التنافس مع المغرب في استخدامات الطاقة النووية السلمية

الجزائر تسعى إلى التنافس مع المغرب في استخدامات الطاقة النووية السلمية
حجم الخط:

تسعى الجزائر إلى الدخول على خط التنافس مع المغرب عبر استخدام حلول “الطاقة النووية السلمية”، بالتعاون مع سلطات المؤسسة الحكومية الروسية للطاقة النووية “روساتوم” التي وقّعت مع وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية “خارطة طريق للتعاون في مجال استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية”، على هامش المنتدى الدولي الـ13 “آتوم إكسبو”؛ المنعقد أخيرا في مدينة سوتشي.

وحسب بيان صادر عن الوكالة الروسية المختصة، فقد “وقّع الوثيقة عن الجانب الروسي مدير عام شركة روساتوم الحكومية، أليكسي ليخاتشوف، وعن الجانب الجزائري وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب”؛ فيما تنص خارطة الطريق، وفق المعطيات التي طالعتها جريدة النهار، على “مواصلة العمل المشترك بين الطرفين حتى عام 2025 ضمن مجموعة واسعة من المجالات؛ مثل الطاقة النووية ومفاعلات الأبحاث، والتعاون في مجال دورة الوقود النووي”.

وحدد الطرفان الروسي والجزائري “المزيد من الخطوات لتطوير التعاون العلمي والتقني وتدريب الأفراد، وكذلك التعاون في المنصات الدولية في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية”، كما اتفقَا على “عدد من الأنشطة المشتركة، بما في ذلك عقد مجموعات عمل وفعاليات مشتركة وجولات فنية”.

ونقل بيان الوكالة تصريح أليكسي ليخاتشوف، المدير العام لـ”روساتوم”، حيث قال تعليقا على التوقيع: “علاقاتنا مع الجزائر تتطور بشكل ديناميكي. ففي ربيع العام الماضي، قمنا بتعريف زملائنا الجزائريين على الحلول التي تقدمها شركة روساتوم في قطاع الطاقة النووية. أما اليوم فقد جرى التوقيع على وثيقة هيكلية تريد تحقيق المزيد من التعاون بين روسيا والجزائر في القطاع النووي في مجالات محددة”.

وأضاف: “نرحب ترحيبا حارا برغبة الجزائر في تطوير الصناعة النووية، إذ إن التقنيات النووية لا تتيح فقط المساهمة في حل المسائل الاقتصادية ومشاكل الطاقة والاجتماعية الملحة؛ بل تتيح أيضا اتخاذ خطوة كبيرة في تطوير العلوم والإمكانات البشرية وضمان السيادة التكنولوجية للبلاد. وأنا على ثقة من أن شراكتنا طويلة الأمد واستخدام الحلول الفريدة التي نُقدّمها ستكون بمثابة الأساس لضمان تطور الجزائر في القطاع النووي بشكل نوعي”.

ويجري تحقيق التعاون بين روسيا الاتحادية والجزائر على أساس الاتفاقية الحكومية الدولية للتعاون في مجال استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، الموقعة بتاريخ 3 شتنبر 2014″؛ فيما دشّن المغرب تعاونا مع روسيا في هذا المجال وتبادلا للزيارات بين المسؤولين منذ سنة 2018.

وقال خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية الخبير في الشؤون المغاربية، إنه “لا يمكن الحديث عن الطاقة النووية في شمال إفريقيا إلّا في إطار متوازن بين المغرب والجزائر”، مشيرا إلى أن “ما وُقّع بين الجزائر والوكالة الروسية المختصة في الطاقة النووية يهدف إلى تطوير بعض المنشآت النووية والفنية بالجزائر وهو يتوازن ويتوازى مع النهج المغربي والتعاون مع الجهة والطرف نفسه”.

واعتبر شيات، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، أن “روسيا متكيّفة الآن بشكل أكثر من الناحية الاستراتيجية لتقوم بأعمال وشراكات لتطوير طاقة نووية لأغراض سلمية بالمنطقة المغاربية (سواء بالمغرب أو بالجزائر) لاعتبارات أبرزها جيوسياسية”، مشيرا إلى أن “المغرب كان سبّاقا للتعامل والتعاقد مع روسيا فيما يتعلق بالطاقة النووية السلمية لإنتاج الكهرباء”.

وتابع الخبير في العلاقات الدولية المختص في الشأن الجزائري أن “الإطار العام الذي يميز هذه الاتفاقات هو إطار الاستخدامات السلمية وذو طبيعة اقتصادية خالصة، وبيئية أيضا”، مردفا بالتفسير “لأن المغرب مُقبل على إنشاء وتشييد عدد من محطات تحلية مياه البحر بما يستدعي استهلاك طاقة كبيرة؛ فالطاقة النووية السلمية تبدو أنفع. لذلك، هي مسألة طبيعية من الناحية الشكلية أن المغرب والجزائر يَسْعيَان نحو تعزيز قدراتهما الطاقية والتنافس في هذا المضمار الواعد”.

من جهة أخرى؛ بسط شيات ما وصفها بـ”ملاحظات”؛ أبرزها أن “المغرب ليس له قدرات طاقية كبيرة من الطاقة الأحفورية؛ ولكن هناك سعي حثيث نحو الاعتماد على طاقات بديلة ونظيفة، أي ما يؤطّر اختيارات المغرب لطاقة نووية سلمية خاصة في استعمالات توليد الكهرباء؛ ما يجعل الاستعمال في حدود الإمكانيات المتاحة له مع سعيه الدائم نحو الطاقة النظيفة”.

أما بخصوص الجزائر، فإنها، حسب المصرح ذاته، “تتناقض مع طبيعة اقتصادها القائم على الطاقة الأحفورية لتسعى نحو تطوير استعمال الطاقة النووية”، مستحضرا “مراقبة الأنظمة ذات الصبغة العسكرية والهيمَنية عبر وكالة الطاقة الدولية من توجسات نحو استعمالات ذات طبيعة عسكرية”، خاتما بأن “الجزائر أكثر قربا لهذا السيناريو؛ ما قد يُخِلّ بالتوازنات العسكرية القائمة للأمن والسلم في منطقة شمال إفريقيا”.