Site icon جريدة النهار المغربية – Alnahar

خبير في الصحة العقلية يدعو إلى تقديم الدعم النفسي للمتضررين لحمايتهم من اكتئاب ما بعد صدمة الزلزال

خبير في الصحة العقلية يدعو إلى تقديم الدعم النفسي للمتضررين لحمايتهم من اكتئاب ما بعد صدمة الزلزال

خلفت الهزة الأرضية القوية التي ضربت عددا من المدن المغربية، مساء الجمعة، موجة من الهلع في نفوس السكان، نساء ورجالا وأطفالا، من مختلف الأعمار، ما اضطر شريحة عريضة من السكان للمبيت خارج بيوتهم، في الساحات المفتوحة والحدائق، إلى غاية الساعات الأولى من يوم السبت، مخافة حدوث هزات ارتدادية.

انتشار حالة الخوف الشديدة، شكل أبرز مظاهر الحالة النفسية التي استشعرها جل سكان المغرب بسبب قوة الهزة وشدة حركة الأرض تحت أقدام السكان، وتمظهرت في رعب شديد، ترافقه تغيرات هرمونية في جسد الأفراد، منها ارتفاع قوي في نسبة الأدرينالين، تكون مصحوبة بارتفاع في نسبة ضربات القلب والزيادة في مستوى التنفس وتقلص في عضلات الجسم، حالة هيجان داخلي، خوف شديد، يمكن أن يؤدي إلى الاكتئاب لما بعد الصدمة، خصوصا لدى الأشخاص الذين كانوا أكثر قربا من أشخاص لقوا حتفهم، وفقا لما تحدث عنه البروفيسو إدريس موساوي، خبير في علاج الأمراض العقلية والنفسية، فاعل جمعوي في عدد من المنظمات ذات الصلة بالصحة النفسية، وطنيا ودوليا، في تصريح لـ”الصحراء المغربية”.
واعتبر البروفيسور الموساوي مشاعر الهلع الشديد عادية وطبيعية في ظل المعطيات التي رافقت الهزة الأرضية، التي كانت أكثر قوة من تلك التي سجلت في أكادير في الستينيات من القرن الماضي وخلفت وفيات بالآلاف رغم أنها كانت أقل قوة على سلم ريشتر مما سجل في هزة ليلة الجمعة، أخذا بعين الاعتبار أن ردود الفعل النفسية تكون مختلفة بين الناس، حسب بنيتهم النفسية، والتي تجعل من البعض أكثر ضبطا لمخاوفهم وآخرين أكثر تأثرا وحساسية لما يقع من حولهم، ما يستوجب إحاطة مجموعة من الناس بالدعم النفسي في حالة استمرار وضعية شعورهم بالخوف ما بعد انتهاء الزلزال، في حالة تخطي ذلك لفترة أسبوع، وتقديم النصح عبر وسائل الإعلام لتعميم الفائدة، يوضح خبير الصحة النفسية نفسه.
وفي هذا الصدد، أوصى اختصاصي الطب النفسي بضرورة الحرص على العناية النفسية بالأشخاص الذين يعانون هشاشة صحية، سيما المصابين بأمراض السرطان وأمراض مزمنة، مثل مرضى القلب والسكري وارتفاع الضغط الدموي، ذلك أن مثل هذه المخاوف “تزيد الطين بلة على صحتهم الجسدية انطلاقا من صحتهم النفسية..” إذ ينتظر من الفرق الطبية والتمريضية المتخصصة وعلماء النفس المبادرة إلى تقديم المساعدة في هذا المصاب.

والغرض من ذلك، هو المحافظة على توازن حالتهم الصحية وعدم تعرضهم لمضاعفات صحية أو لانتكاسات صحية، لوجود علاقة بسلامة الصحة الجسدية بالصحة النفسية للشخص المعني. الأمر نفسه بالنسبة إلى الأطفال، إذ يجب إحاطتهم بمشاعر الحنان وبعث الاطمئنان في نفوسهم ودعمهم ومؤازرتهم، سيما بعد اللحظات التي تلي الهزة الأرضية الأساسية.
وتفسر هذه الصعوبات النفسية بصعوبات تقبل الوضع الجديد الذي يواجه الشخص، سيما لدى الأشخاص الذين فقدوا أحباء لهم في هذه المناسبة الأليمة أو فقدوا بيوتهم أو ممتلكاتهم، في ظرف ثواني معدودات قلبت حياتهم ومخططاتهم المستقبلية رأسا على عقب، ما يجعل من الزلزال، كظاهرة طبيعية، تؤثر سلبا على الاستقرار النفسي، الاجتماعي والاقتصادي للمتضررين، كما يخلف حالة نفسية صعبة تتمثل في الاكتئاب ما بعد الصدمة، الذي يفضل، في حال استمرت علاماته لمدة تفوق الأسبوع، استشارة طبيب نفسي في المستشفى القريب للاستفادة من الدعم والاستشارة النفسية، يؤكد البروفيسور الموساوي.
وللمحافظة على الصحة النفسية للناس، ما بعد الزلزال، يجب على جميع الجهات المعنية والمسؤولة ومنظمات المجتمع المدني، كل من موقع مسؤوليته، التدخل بشكل مستعجل لتقديم الدعم الذي تحتاج إليه الأسر المتضررة، ومنهم الذين فقدوا بيوتهم، من خلال توفير سكن يؤويهم، وتقديم المأكل والمشرب والملبس لهم، حيث يوجدون دون انتظار طلبهم لأي مساعدة، بما يحفظ كرامتهم ويخفف عنهم هول الحادث، ثم العناية بالمرضى نفسيا بتقديم الأدوية لهم في مكان وجودهم لتفادي تكرار انتكاستهم بتعرضهم لمضاعفات صحية.
ومن وسائل التعاطي مع ظاهرة الزلزال، يتوجب نشر الوعي بطرق الاحتياطات والتعليميات التي ترفع نسب اليقظة ونسب الحماية الفردية، ومن بينها، على سبيل المثال فقط، الاستعانة بالاختباء تحت طاولة والحرص على وضعية الاستعداد للخروج، من حيث ارتداء الملابس وحمل محفظة تضم الوثائق والأشياء الشخصية المهمة والأدوية الضرورية، يبرز خبير الصحة النفسية.

 

Exit mobile version