التنظيمات المهنية الإسبانية تحذر من إلغاء اتفاقية الصيد البحري مع المغرب

التنظيمات المهنية الإسبانية تحذر من إلغاء اتفاقية الصيد البحري مع المغرب
حجم الخط:

“توجه واحد” في آراء المهنيين بشبه الجزيرة الإيبيرية خلقه اقتراح المدعية العامة للاتحاد الأوروبي إلغاء اتفاقية الصيد البحري مع المغرب، بحيث حذر الاتحاد الإسباني للصيد البحري (سيبيسكا) من أي إلغاء نهائي، بالنظر إلى التأثير الكبير على أسطول الاتحاد الأوروبي، وبالتالي على الأسطول الإسباني، موضحا أن “نشاط الصيد في إطار الاتفاقيات المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب كان ذا أهمية كبيرة للاستخدام المستدام”.

ولفت التنظيم المهني ذاته إلى أن المصايد التي كانت متاحة وفق هذه الاتفاقية، لعبت دوراً أساسيّا في جلب ملايين الوجبات يوميّا إلى الاتحاد الأوروبي وإفريقيا وأماكن أخرى، خاصة حيث يوجد طلب أكبر على الغذاء الصحي وبأسعار معقولة، لا سيما أنواع مثل الأنشوجة والسردين والماكريل الحصان وأسماك النازلي ورأسيات الأرجل أو التونة.

وفي السياق ذاته، أشارت الجهة عينها، في بيان منشور على موقعها الإلكتروني الرسمي اطلعت عليه جريدة النهار، إلى أن الإلغاء سيخلق مشكلة كبيرة للأساطيل التي لا تملك سوى القليل من البدائل، مثل السفن الشراعية الإسبانية وأسطول الخيوط الطويلة القاعية المتمركز بشكل رئيسي في موانئ بارباتي وكونيل وطريفة الأندلسية.

ويبدو أن هذا الرأي هو نفسه الذي اقتنعت به الفيدرالية الإسبانية لجمعيات منتجي ومصدري الفواكه والخضراوات والورود والنباتات العطرية (فيبيكس)، التي أفادت بأنها لا “تشاطر” المدعية العامة للاتحاد الأوروبي الرأي، وجددت رفض “حكم محكمة العدل الأوروبية لعام 2021، الذي ألغى جزءاً من اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب مع تأييد اتفاقية التجارة”.

التنظيم سالف الذكر اعتبر في بيان له أنه “يفترض أن المزايا التعريفية لاتفاقية شراكة الاتحاد الأوروبي مع المغرب لا تزال تطبق على المنتجات الصحراوية”، لكن من جهة أخرى، وافقت “فيبكس” على أنه من الضروري تضمين المنتجات الزراعية القادمة من الصحراء إشارة أو علامة تبرز أصلها، بناء على شكاوى فيدرالية “بايزان الفرنسية”، التي طلبت أن تحمل الطماطم والبطيخ المورّد من الصحراء مكان المنشأ على ملصقها.

في هذا الصدد، علق محمد ظهيري، أستاذ بجامعة كومبلوتينسي بمدريد عضو الأكاديمية الملكية للعلوم والفنون الجميلة لقرطبة، على بياني الاتحادين، باعتبارهما، حسب وصفه، “تنظيمين مهنيين قويين في إسبانيا وفي الاتحاد الأوروبي يدافعان عن مصالحهما”، موضحا أنها يعرفان أن “العديد من عائلات المهنيين تعيش من هذه الاتفاقية، وبالتالي لا يقبلان أيّ مساس بالخبز اليومي للمشتغلين بهذه المصايد وجعلهم عرضة للفقر والبطالة”.

ولفت ظهيري، ضمن إفادات قدمها لجريدة النهار، إلى أن “تحذير الاتحاد الإسباني للصيد البحري (سيبيسكا) له وزنه، لأنه أمام التوترات الموجودة في غرب إفريقيا المتاخمة للمحيط الأطلسي، يظلّ المغرب هو المخاطب الوحيد الذي يتكلم لغة الاتحاد الأوروبي نفسها ويحترم الاتفاقيات والالتزامات الضامنة للحماية والاستدامة في الصيد البحري، وهذا ما تؤكده مجموعة من التقارير التي تحظى بمصداقيّة كبيرة”.

وأشار المتحدث إلى أن “إسبانيا ستتضرر من أي حكم يسير في خط ما طالبت به المدعية العامة تمارا كابيتا، لأن هذه الدولة الأوروبية تعاني من مشكل بنية تحتية بخصوص الصيد البحري، لا سيما المدن التي يعتمد اقتصادها على الصيد باستعمال الشبابيك الكيسية وأسطول الخيوط الطويلة القاعية والقوارب الشراعية كطريفة وبرباطي وكونيل. وخارج الشواطئ المغربية، من المستحيل توظيف هذا النوع في جهة أخرى”، مسجلاً أن “300 عائلة تعيش من هذا الصيد في برباطي”.

“من الطبيعي، إذن، أن تدافع هذه التنظيمات المهنية عن مصالحها، لكن المثير أن طرحها يتوافق مع التوجه الرسمي للمغرب، وهو إدراج الأقاليم الصحراوية المغربية ضمن المناطق المعنية بالاتفاقية”، يقول المتحدث، مضيفا أن “الحكومة الإسبانية أيضا لا تحتاج إلى مشكلة أخرى حاليّا، خصوصاً مع قطاع الصيد البحري ولا مع المغرب؛ فهناك شراكة قائمة على أسس متينة بين البلدين، وهناك خارطة طريق”، على حد تعبيره.

واستبعد ظهيري أي اتجاه “للضرر بمصالح المغرب”، لأن “هذا البلد الشمال إفريقي بالنسبة لإسبانيا والاتحاد الأوروبي ليس أيّ بلد، فبالإضافة إلى علاقة الجوار، فإن المنطق الجيو-سياسي فرض مكانة المملكة في المشهد”، خاتماً بالقول إن “الاتحاد لا يراهن على خسارة المغرب، بما أنه يعي حتمية استعمال المغرب دبلوماسيته القوية والذكية للدفاع عن مصالحه، ومن الممكن، وهذا تخوفهم، أن يبحث عن شراكات جديدة خارج المنطقة الأورو-متوسطية”.