Site icon جريدة النهار المغربية – Alnahar

عادات وطقوس خاصة تميز الأسر المراكشية لاستقبال شهر رمضان

عادات وطقوس خاصة تميز الأسر المراكشية لاستقبال شهر رمضان

تعتز العديد من الأسر المراكشية بتقاليدها وعاداتها، التي وشمت تاريخ المدينة الحمراء بالتوهج والعطاء، وتشخصت أحداتها داخل البيوت والأحياء السكنية والأسواق الشعبية.

وقبل حلول شهر رمضان، تجري الاستعدادات له بشكل مكثف، ما يعطيه خصوصية متميزة عن باقي الشهور الأخرى، وتشهد الايام الاخيرة من شهر شعبان احتفالات عائلية واجتماعية أو مايصطلح عليه لدى أهل مراكش ب”شعبانة”، كما اعتادت النساء على تنظيف البيوت الذي يسمى محليا “التخمال”، وتلجأ بعض الأسر إلى شراء مستلزمات منزلية جديدة، كما يتم تنظيف المساجد وتهيئتها للتراويح.

 

شعبانة… حفلات ومأكولات خاصة

تعتبر “شعبانة” أحد الموروثات الثقافية الشعبية، التي تقام في النصف الثاني من شهر شعبان، وتشكل لدى المراكشيين محطة سنوية للتجديد، وهو احتفال خاص بقدوم شهر رمضان دأب عليه الحرفيون، من خلال تطوع أحدهم واقتراح المكان وتهيئ “الطنجية” الاكلة المشهورة عند أهل مراكش.

وبابتسامة لا تخلو من حسرة على الماضي، يقول خالد أيت حجوب، وهو صانع تقليدي، خلال استرجاعه لذكرياته مع الاحتفال بـ”شعبانة”، في تصريح ل”الصحراء المغربية”، إن الاحتفال ب”شعبانة” في السابق بمدينة مراكش، ينطلق مع بداية شهر شعبان إلى نهايته، بالحدائق والعراصي، لكن مع مرور الزمن بدأت هذه العادات في التقلص.

وأضاف أيت حجوب أن الصناع التقليديون كانوا يختمون موسمهم الحرفي بالاحتفال بـ”شعبانة”، من خلال إعداد “الطنجية” الأكلة المفضلة لدى المراكشيين على سائر المأكولات وتناولها بالفضاءات الخضراء التي تزخر بها مدينة مراكش، وما يرافقها من أغاني شعبية مستوحاة من الفلكلور المراكشي أو مايعرف ب”التقيتيقات المراكشية”، لينطلقوا بعده إلى رمضان مفعمين بالقيم النبيلة وفي مقدمتها قيمة القناعة.

في المقابل، تحتفل النساء المراكشيات ب”شعبانة” بطريقتهن داخل المنازل، من خلال دعوة النسوة لحضور “اللعابات”، للترويح عن النفس، بالرقص والغناء وهذا الترفيه يعتبر إشباعا للجانب الغريزي للإنسان، على اعتبار أن شهر رمضان يلجم بعضا من هذه الممارسات الاجتماعية، وتقدم في هذا الحفل مجموعة من المأكولات والحلويات، فيما تقام طقوس النقش بالحناء .

وفي هدا الاطار، قالت عائشة، وهي امرأة سبعينية، في حديثها ل”الصحراء المغربية” بمجرد ما يهل شهر شعبان، كنا نحن النساء نشمر عن سواعدنا لمباشرة الاستعداد لشهر رمضان من تنظيف للمنزل وتلميع لأوانيه الفضية والنحاسية وتجديد للأفرشة بحسب القدرة الشرائية، وقضاء دين الصيام بالنسبة للنساء، وتحضير المأكولات والحلويات المغربية من “شباكية” و”مخرقة” و و”سفوف”.

وأضافت عائشة، أنه بعد النصف الثاني من شعبان، تجتمع الجارات والصديقات والأقارب في أمسية احتفالية للذكر والمديح والصلاة على الرسول الكريم، مرتديات القفطان التقليدي، يقدم فيها الشاي والحلويات، وتكون هذه الأمسية مناسبة للترفيه والترويح عن النفس من تعب أشغال البيت والتحضير لشهر رمضان المبارك.

من جانبها، أشارت أمينة البالغة من العمر حوالي 72 سنة، الى أنها درجت هي وجاراتها وصديقاتها على الاحتفال بـ”شعبانة”، بعد النصف الثاني من شعبان بإعداد الكسكس بالقديد المحضر من لحم أضحية عيد الأضحى السابق، وتقديم الشاي وبعض الحلويات على إيقاع أغان ورقصات وأهازيج شعبية.

بدورها، قالت الحاجة حليمة (94 سنة) في تصريح ل”الصحراء المغربية”، قبل حلول شهر رمضان المبارك يجتمع أحفادي وبناتي في بيت العائلة الكبير من أجل الوليمة الأخيرة قبل رمضان، مضيفة أنها عادة متوارثة في عائلتها، تقام في منتصف شعبان أو خلال الأسبوع الأخير منه.

وأوضحت الحاجة حليمة أن الهدف من إقامة هذه الوليمة قبل حلول شهر رمضان هو اجتماع أفراد الأسرة، صغيرها وكبيرها، داخل الدار الكبيرة، لصلة الرحم بين أفراد هذه العائلة، والترويح عن النفس وقضاء أوقات مرحة عبر الاستمتاع بالنكث التي تعتبر إحدى خصوصيات الأسر المراكشية العريقة، قبل أن تغيبهم مشاغل رمضان وضيق وقته والانكباب على العبادات.

 

تنظيف المنازل

تشكل عملية تنظيف البيوت في الأيام التي سبق شهر رمضان، وإعادة ترتيب محتوياتها وأثاثها، وتعطيرها بالبخور، عادة متجدرة لدى الأسر المراكشية، خاصة عند الفئات الاجتماعية الشعبية والمتوسطة، احتفاء باستقبال الضيف المبارك.

تقول فاطمة، وهي أمرأة ستينية، في تصريح ل”الصحراء المغربية”، إنها تنظف المنزل سنويا خلال الأيام التي تسبق رمضان، وتحرص مع بناتها على رفع جميع الأثاث من مكانه، ووضعه تحت أشعة الشمس بعد تنظيفه جيدا، قبل إعادته إلى المنزل مجددا.

وأضافت فاطمة، أن عادة تنظيف البيوت قبل رمضان متجذرة لدى الأسر المراكشية، حيث تشعر من خلالها ربة البيت بأن جوا جديدا يبعث في منزلها استعدادا لشهر رمضان.

وتختار العديد من النساء تعطير المنازل قبل رمضان، ما يجعل الإقبال كبيرا على متاجر العطارة، حيث تشهد محلات بيع العطور انتعاشا كبيرا في الأيام التي تسبق رمضان، حيث يزيد بيع أنواع البخور القادمة من المشرق العربي بشكل لافت.

 

تأهيل وتزيين المساجد

من بين الطقوس التي تنتشر خلال الأسبوع الأخير من شعبان، تحسبا لقدوم شهر رمضان المبارك، تهيئة وتنظيف المساجد وتزيينها وتجهيزها بكل ما تحتاجه لضمان شهر كامل من العبادات دون أي نقائص، وجعلها أكثر أريحية وإكسابها ثوبا روحيا يتلاءم مع مكانة وأهمية الضيف المبارك الذي سيحل علينا بعد أيام قليلة.

ويتكلف عدد من المحسنون والمصلون، خلال الأسبوع الاخير من شهر شعبان، بمصاريف تجديد المساجد واقتناء مستلزمات ليالي رمضان التي تمتد فيها ساعات العبادة من التراويح الى مطلع الفجر، من خلال كراء مكبرات الصوت، واقتناء أفرشة جديدة، أو تنظيف القديمة، وشراء مصاحف جديدة.

من جهة أخرى، تعمل مندوبية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية كل شهر رمضان على استقدام خريجي مدارس القرآن الكريم لإمامة المصلين، وهي سنة حميدة تساهم في تعزيز الأجواء الروحانية التي تشهدها صلاة التراويح، كما تتوخى هذه المبادرة القيمة إعطاء فرصة لهؤلاء الشباب لإبراز مواهبهم في تلاوة كتاب الله تعالى وترتيله.

Exit mobile version