Site icon جريدة النهار المغربية – Alnahar

في رحاب الزواج المختلط .. معاناة المغربيات بعد الطلاق وإشكالية الحضانة

في رحاب الزواج المختلط .. معاناة المغربيات بعد الطلاق وإشكالية الحضانة

هن نساء مغربيات قررن الارتباط بأزواج من ثقافات وجنسيات مختلفة ويعشن اليوم تجربة مليئة بالتحديات والمعاناة بعد الطلاق خاصة فيما يتعلق بإشكاليات الحضانة وما يترتب عن ذلك من صعوبات في الحصول على حقوقهن الأمومية وفي الحفاظ على روابط قوية مع أطفالهن ثمرة هذا الزواج المختلط في ظل التباينات الثقافية والقانونية بين بلدهن الأم وبلدان أزواجهن السابقين.

وفي الوقت الذي تشهد فيه الزيجات المختلطة تطورا ملحوظا في المجتمع المغربي، نتيجة لتأثير مجموعة من التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي عرفتها البلاد في السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى الدور الهام الذي لعبه التقدم التكنولوجي وانتشار منصات التواصل الاجتماعي التي ساهمت في تقريب المسافات وتوسيع دائرة التعارف وتبادل الثقافات وفتحت بذلك آفاق جديدة للزواج المختلط، إلا أن ذلك لم يمنع من بروز معيقات ثقافية وتشريعية سواء تحت رحاب هذا النوع من الزيجات أو بعد انفصام العلاقة الزوجية.
وغالبا ما تكون المرأة المغربية هي التي تدفع ثمن هذه المعيقات، باعتبار أن الزواج بالأجانب مسألة تهمها بدرجة أولى، حيث كشفت الإحصائيات الأخيرة التي نشرها المجلس الأعلى للسلطة القضائية في تقريره حول “القضاء الأسري بالمغرب”، أن نسبة 73 في المائة من طلبات توثيق الزواج المختلط في عام 2021 تعود لمخطوبات مغربيات بينما يمثل الخاطبون المغاربة فقط 27 في المائة من هذه الطلبات التي بلغت 5247 طلبا في السنة ذاتها، علما أن ما يقارب نصف هذه الزيجات تنتهي برفع دعاوي الطلاق أو التطليق وفقا لنفس المصدر.
وفي هذا الصدد، تروي المغربية نجاة، 44 سنة، عن قصتها المريرة والتحديات التي واجهتها للحفاظ على حقوق الحضانة بعد انفصالها عن زوجها الأجنبي، تقول نجاة إنه وبعد عشر سنوات من الزواج وإنجابها لطفلين، الأول يبلغ ثمان سنوات والثاني ست سنوات، تم الانفصال لأسباب رفضت الإفصاح عنها، لتجد نفسها في مواجهة تهديدات طليقها الذي يطالب برفع الحضانة عنها واصطحاب أبنائهما إلى خارج الديار المغربية رغبة منه، بحسب قولها، في الانتقام وحرمانها من حقوقها كوالدة.
وتعيش نجاة تجربة صعبة في التمتع بحضانة طفليها، ففضلا عن المحنة الحقيقية التي تواجهها نتيجة الضغوطات القانونية والقضائية المعقدة واختلاف الإجراءات التشريعية في بلدها وبلد زوجها السابق، تعبر المتحدث ذاتها عن خوفها المستمر من أن يقدم طليقها على خطف أبنائهما واصطحابهما إلى وطنه الأم، حيث لا يلزمه القانون بأخذ إذنها إذا قرر مغادرة المغرب بصحبتهما، هذا الوضع يجعلها في حالة قلق وتوثر كبيرين خاصة فيما يتعلق بإمكانية حرمانها من رؤية طفليها ويجعلها أمام إشكاليات قانونية كبيرة تؤثر على حياتها وعلى مصلحة الأطفال.
عن هذه الإشكاليات، تفيد المحامية بهيئة الدار البيضاء، وديعة عماري، أن الزواج المختلط يطرح مجموعة من التحديات القانونية خاصة بالنسبة للمرأة المغربية سواء أثناء قيام العلاقة الزوجية أو انحلالها لسبب من الأسباب، حيث تصطدم المرأة المغربية المرتبطة بزوج أجنبي بإشكالية التبليغ في حالة غياب الزوج او اختفائه وعدم معرفتها لمكان تواجده، وهو ما يحول دون تمتعها بحقوقها كاملة وبحقوق أطفالها، كالنفقة أو الحصول على الوثائق الإدارية لأبنائها القاصرين أو عند سلوك مسطرة التطليق للغيبة نتيجة لتعقيد الإجراءات الإدارية وطول مدتها.
 وتتفاقم هذه التحديات، تشير عماري في تصريحها لـ”الصحراء المغربية، عند الطلاق ووجود أبناء قاصرين، لاسيما فيما يتعلق بالحضانة وشروط استحقاقها، حيث تواجه بعض الأمهات المغربيات معاناة كبيرة للحفاظ على حضانة أطفالهن خاصة عندما يسافر الوالد الأجنبي بالأبناء خارج التراب الوطني دون علمهن، مما يتسبب في اختفاء أثرهم وحرمان الأم من رؤيتهم، في هذه الحالات، تؤكد الناشطة الحقوقية، على الدور المهم لقانون الجنسية في حماية حقوق الأطفال باعتبارهم مواطنين مغاربة.
وفي هذا الصدد، طالبت المتحدثة ذاتها الأمهات المغربيات بتسجيل مواليدهن في سجلات الحالة المدنية وتمكينهم من الحصول على الجنسية المغربية بعد الوضع مباشرة، حتى تضمن عدم مغادرة أطفالهن البلاد، لأن خلاف ذلك يعرضهن وأبناءهن لتبعات سلبية حيث لا يمكن للسلطات اتخاذ أي إجراءات حمائية للأطفال غير المجنسين بجنسية مغربية باعتبارهم أجانب.
ويزداد الأمر تعقيدا، تفيد عماري، إذا كانت الأم ترغب في استرجاع الحضانة بعد إسقاطها، حيث ينبغي عليها استيفاء الشروط المنصوصة عليها في المادة 173 من مدونة الأسرة، مثل الرشد القانوني والاستقامة والأمانة والقدرة على تربية الأطفال وعدم زواج الأم من غير محرم، وهذا يضعها أمام عبء إضافي من الإجراءات والمساطر القانونية التي عليها مواكبتها والتعامل معها بحذر وتأني.
وتبعا لذلك، أكدت المحامية في حديثها لـ”الصحراء المغربية”، على ضرورة تأهيل وإرشاد المقبلين والمقبلات على الزواج المختلط، وتوعيتهم بالقوانين والتشريعات المنظمة لهذا النوع من الزيجات، حتى يكونوا على اطلاع تام بحقوقهم وواجباتهم ومستعدين لخوض تجربة الزواج من أجنبي أو أجنبية، خصوصا الفتيات المغربيات باعتبارهن أكثر الفئات تعرضا للتعسف والضرر بعد إبرام عقد الزواج.

 

اسماء ازووان

Exit mobile version