شكلت دورية مدير إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة رقم 6530/223 خطوة حاسمة في التقدم عبر مسار تنفيذ اتفاقية منطقة التبادل التجاري القاري الإفريقي (ZLECAf)، وفتحت الباب أمام المقاولات المغربية من أجل استغلال فرص تجارية واستثمارية مهمة بالأسواق الإفريقية.
وسلطت هذه الدورية الضوء على التدابير الجمركية الجديدة التي تهم المقاولات والمستوردين والمصدرين المغاربة، إذ تركز بشكل أساسي على تنفيذ بروتوكول التجارة في السلع الذي يشكل جزءًا لا يتجزأ من الاتفاق. كما أوضحت الوثيقة أن المغرب اعتمد قائمته الأولية التي تضم المنتجات المعفاة من الرسوم والضرائب الجمركية عند الاستيراد، وتم اعتماد هذه القائمة من قبل مجلس وزراء التجارة في اتفاقية منطقة التبادل التجاري القاري الإفريقي بتاريخ 31 ماي من السنة المنصرمة.
وتؤكد إدارة الجمارك أن شروط ومدد الإعفاء الجمركي تختلف باختلاف فئتي البلدانP1 وP2.؛ فيما يهدف بروتوكول الاتفاقية إلى تعزيز التجارة داخل القارة الإفريقية، وتحسين كفاءة الإجراءات الجمركية، وتسهيل التبادل التجاري والعبور، وتعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول الموقعة عليها.
جدير بالذكر هنا أن الاتفاق بشأن إنشاء المنطقة القارية للتجارة الحرة في إفريقيا تم توقيعه في كيغالي خلال 21 مارس 2018، ودخل حيز التنفيذ في 30 ماي 2019؛ فيما قدم المغرب أوراق تصديقه للجنة الاتحاد الإفريقي في 18 أبريل 2022. ويهدف هذا الاتفاق إلى إحداث سوق لإفريقية محررة لتجارة السلع، من خلال التخلص تدريجيًا من الرسوم الجمركية والحواجز غير الجمركية.
ويعتبر التخلص التدريجي من الرسوم الجمركية على المنتجات المنشأة في أراضي الدول الأعضاء الأخرى أحد التدابير الرئيسية للاتفاق التجاري القاري، إذ سيتم هذا التخلص وفقًا لقوائم التنازلات الجمركية المعتمدة من قبل الأطراف المعنية. وبالتالي، تم إنشاء ثلاث قوائم وطنية للتنازلات، تسمى A وB وC، بإسراع تخلص مختلفة.
وتوضح الدورية أن تنفيذ الاتفاق من الناحية الجمركية يتعلق حاليًا فقط بالقائمةA ، على أساس دمج القائمتين B وC لاحقا بمجرد الانتهاء من الإجراءات اللازمة للاعتماد والإعلام. تمثل القائمة A ما نسبته 90 في المائة من البنود الجمركية في التعريفة الوطنية لكل دولة عضو، وسيتم تحرير هذه المنتجات تدريجيًا على مدى 10 سنوات للبلدان الأقل نموًا، و5 سنوات للبلدان النامية؛ فيما تتضمن القائمة B ما نسبته 7 في المائة من البنود الجمركية وتتعلق بالمنتجات التي تعتبر حساسة والتي تتمتع بحماية تدريجية على مدى الزمن. أما القائمة C فتتألف من 3 في المائة من البنود الجمركية المتعلقة بالمنتجات المستبعدة من التحرير، بسبب خصائصها الاقتصادية أو الاجتماعية.
وفي قراءة تحليلية لدورية إدارة الجمارك، أوضح حبيب تلمساني، خبير في التجارة الدولية واللوجستيك، في تصريح لجريدة النهار، أن الدورية تمثل خطوة حاسمة نحو تنفيذ اتفاقية منطقة التبادل التجاري القاري الإفريقي في المغرب، وتفتح آفاقًا جديدة للتجارة الدولية والتكامل الاقتصادي في إفريقيا من خلال التخلص التدريجي من الحواجز التجارية، مؤكدا أن الاتفاق سيعزز تطوير التجارة داخل القارة السمراء ويحفز الاستثمار ويرفع مستوى التنافسية الإقليمية، مضيفا بالقول إنه “سيوفر الفرص الجديدة للمقاولات المغربية لتوسيع نطاق أعمالها وتنويع أنشطتها التجارية بالأسواق الإفريقية”.
وأشار تلمساني إلى أن المبادلات التجارية داخل المنطقة القارية للتجارة الحرة في إفريقيا تعتمد على مبدأ “رابح + رابح”، أي أن الفوائد التي يمنحها بلد ما إلى آخر يجب أن تكون مفيدة بالمثل. وبالتالي، يجب على كل بلد الالتزام بتقديم فوائد تعادل تلك التي يتلقاه.
ومع ذلك، سيتطلب تنفيذ الاتفاقية القارية للتجارة الحرة في إفريقيا بالمغرب تنسيقًا وثيقًا بين مختلف الإدارات والجهات المعنية؛ مثل الإدارة العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة ووزارة التجارة والصناعة، بالإضافة إلى جهات اقتصادية، مع ضرورة اتخاذ تدابير لتوعية مختلف الفاعلين بمزايا وتأثيرات الاتفاقية، وتسهيل الإجراءات الجمركية، وتعزيز قدرات الجمارك، وترسيخ الامتثال للقواعد والمعايير التجارية.
يشار إلى أن تنفيذ الاتفاقية القارية للتجارة الحرة في إفريقيا لا يقتصر فقط على تجارة السلع؛ بل يشمل أيضًا مجالات أخرى، مثل الخدمات والاستثمار والملكية الفكرية وحرية تنقل الأشخاص.