Site icon جريدة النهار المغربية – Alnahar

يوسف عشي: النظام الأساسي تضمن نقاطا كثيرة تمس بـ “كرامة الأستاذ” (حوار)

يوسف عشي: النظام الأساسي تضمن نقاطا كثيرة تمس بـ "كرامة الأستاذ" (حوار)

منذ بداية السنة الدراسية الحالية والساحة التعليمية تعيش على وقع احتقان مستمر بفعل أزمة النظام الأساسي الجديد المتعلق بالشغيلة التعليمية، والذي لم ترق مضامينه إلى تطلعات رجال ونساء التعليم، الذين خاضوا سلسلة من الوقفات والإضرابات تعبيرا عن رفضهم لهذا النظام، وهو ما خلف استياء في صفوف أولياء الأمور بسبب هدر الزمن المدرسي وضياع حقوق أبنائهم الذين يتابعون تعليمهم بالمدارس العمومية.

في هذا الحوار الذي خص به جريدة “الصحراء المغربية”، يتحدث يوسف عشي، عضو المجلس الوطني للتنسيقية الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي والكاتب الإقليمي للتنسيقية الإقليمية بسطات، عن الأسباب التي جعلت نساء ورجال التعليم يلجؤون إلى التصعيد ضد القانون الأساسي، وعمن يتحمل مسؤولية هدر الزمن المدرسي وموقفهم من ضرب مبدأ تكافؤ الفرص بين المتعلمين في قطاع التعليم العمومي والخصوصي في ظل الإضرابات والاحتجاجات المتكررة التي يخوضونها منذ انطلاق الموسم الدراسي الجاري.

بصفتك عضو المجلس الوطني للتنسيقية الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي، ما أبرز المضامين التي تؤاخذون عليها الوزير في النظام الأساسي الجديد؟ 
أولا، نحيي صحيفتكم المحترمة على إتاحة هذه الفرصة لتوضيح الأمور وتسليط الضوء على التنسيقية الوطنية لأساتذة الثانوي التأهيلي كإطار يجمع جميع الأستاذات والأساتذة الذين يشتغلون بالثانوي التأهيلي ويتبنى مطالب باقي فئات الشغيلة التعليمية.
كتنسيقية نرفض القانون الأساسي الجديد لأنه تضمن الكثير من النقاط التي تضعف الأستاذ وتمس كرامته كما أنها لا تستجيب للحاجيات ولا تخدم وضعيته الاجتماعية، إضافة إلى إثقال كاهله بمهام إضافية دون أن تتضمن تعويضا عن تلك المهام. 
القانون الأساسي لم يحرك، أيضا، الأجور والأرقام الاستدلالية، بل تركها كما هي، وهو الأمر الذي يجعل، مثلا، أستاذ الثانوي الذي يوظف في السلم العاشر يتقاضى راتبا أقل بكثير من راتب رجل الأمن، مثلا، في السلم الثامن: أقل من 5000 درهم للأستاذ مقابل أكثر من 8000 درهم لرجل الأمن مع تقدم الأستاذ على رجل الأمن بدرجتين في السلم، وهو أمر غير منطقي ولا يحقق العدالة الأجرية بين موظفي الدولة. 
من المؤاخذات، كذلك، انفراد هذا القانون الأساسي عن جميع القوانين الأساسية للقطاعات الوظيفية الأخرى بتنصيصه على العديد من العقوبات المذلة لرجل التعليم، في الوقت الذي كان يخضع، مثله مثل جميع موظفي الدولة، للعقوبات المنصوص عليها في قانون الوظيفة العمومية، وهذا الأمر لا تفسير له سوى المس بكرامة الأستاذ والتضييق على حرياته، كما أن الوزارة الوصية مصرة على عدم ترسيم إخواننا وأخواتنا الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد على اعتبار أنهم ليسوا موظفين، وبالتالي فرض سياسة الأمر الواقع.. هذا ناهيك عن عدد من المواد الغامضة والخطيرة، التي تحتمل تأويلات على العديد من الأوجه، مثل ساعات العمل التي خولت للسلطة الحكومية، وهي الوزارة طبعا، تحديدها، فعوض أن يتم حذف الساعات التضامنية والرجوع إلى الساعات القانونية – كما كنا نطالب – تم ترك المجال للوزارة واسعا لرفع عدد الساعات كما تشاء.. 
من الأعطاب، كذلك، نذكر توجه هذا القانون نحو تحويل كل الأساتذة إلى متعاقدين بدل حل مشكل التعاقد الذي يضفي الهشاشة وعدم الاستقرار النفسي والاقتصادي والاجتماعي على وضعية الأستاذ.. بالإضافة إلى العديد من المواد الملغومة التي جعلت هذا النظام، الذي انتظره الأساتذة طويلا لتحفيزهم وتحسين وضعيتهم، نظاما تعسفيا ينال من كرامتهم ويكرس التفرقة بين مكونات المدرسة العمومية الوطنية.

في حالة عدم الاستجابة لملفكم المطلبي هل ستستمرون في التصعيد؟ ألا تعتقدون أن التلميذ هو من يدفع ثمن الاحتقان الذي يعرفه قطاع التعليم خاصة أن مجموعة من التلاميذ وأولياء الأمور ممتعضون وكذلك متخوفون مما ستؤول إليه الأوضاع في ظل استمرار الاضرابات؟
طبعا هذا أمر منطقي فما دامت الوزارة تواصل سياسة الآذان الصماء فالتنسيقية تسير نحو التصعيد. وقد رأيتم كيف بدأت التنسيقية بوقفات في فترات الاستراحة، ثم إلى وقفات على صعيد المؤسسات لمدة ساعة ثم إلى ساعتين ثم إلى وقفات على مستوى المديريات وبعدها إلى وقفات ممركزة وطنيا وجهويا.. ثم الإضراب ليوم ثم يومين ثم ثلاثة أيام والوزارة لا تحرك ساكنا.. وما دامت الوزارة مستمرة في تجاهلها ليس فقط لتنسيقيتنا بل لجميع التنسيقيات الناشطة في الميدان، والتي تؤطر نضالات الشغيلة باقتدار، ومصرة على مواصلة الهروب إلى الأمام والتعامل بنفس المنطق وهو المماطلة والهروب إلى الأمام، في مسرحية حوارية ملها نساء ورجال التعليم مع النقابات التي شاركت ووقعت على هذه “الجريمة التي لا تغتفر”، فلا جواب للتنسيقية سوى التصعيد، ثم التصعيد ثم التصعيد، ولو وصل الأمر للإضراب المفتوح وهو ما لا نرجوه جميعا، الكرة في ملعب الحكومة التي ننتظر منها أمرين عاجلين: الزيادة في أجور الأساتذة والأستاذات وإعادة صياغة النظام الأساسي وفق ملاحظاتنا كتنسيقيات فاعلة ومؤطرة في الميدان.

ألا توجد وسائل أخرى للضغط على الوزارة من أجل مراجعة النظام الأساسي بدلا من هدر الزمن المدرسي وما لذلك من انعكاسات على جودة التعلمات وضرب مبدأ تكافؤ الفرص بين المتعلمين في مؤسسات التعليم العمومي ونظرائهم في التعليم الخاص؟

من الجيد أنك طرحت هذا السؤال، التلاميذ هم أبناؤنا وبناتنا وهم الهدف الرئيسي من وجودنا بالمؤسسات، لهذا فالمعني الأول بمصلحة التلاميذ هم الأساتذة، وطبعا يحز في أنفسنا أن نراهم في الشارع بدل الحجرات الدراسية، لكن لنتساءل عمن المسؤول.. ألم نبدأ بوقفات في وقت الاستراحة فقط، ألم نبدأ بوقفات متفرقة ولمدة ساعة واحدة فقط.. أين هو رد فعل الوزارة؟ نحن مضطرون للإضراب ليس حبا فيه، فهو كما يتداول بيننا: شر لا بد منه.. وبالمقابل ماذا فعلت الوزارة لكي توقف هذه الإضرابات.. لا شيء.. وكأن أبناء الشعب لا يعنونها، ففي الوقت الذي ينعم أبناء المسؤولين بالدراسة في مدارس البعثات الأجنبية (وقد رأينا كيف كان وزير سابق يحتج أمام مؤسسة تابعة لبعثة أجنبية من أجل أبنائه).. فلا غضاضة لدى الوزارة في التفريط في زمن تعلمات أبناء الشعب، ولعب ورقة النفس الطويل، وبدل الاستماع لمطالب الأساتذة والاستجابة لها أو حتى الحوار في اتجاه حلها.. تلعب لعبة النفس الطويل كما قلت، وهذا يدفعنا للتساؤل بعمق حول مفهوم الدولة ومفهوم المواطنة لدى المسؤولين في هذا البلد السعيد..
وعلى عكس الآباء والأمهات الذين يتفهمون الوضع ويدعون الوزارة للحوار والاستجابة للمطالب العادلة عبر مختلف المنابر الإعلامية للخروج من الأزمة ورجوع التلاميذ للحجرات الدراسية، وهو ما عبرت عنه جمعيات الآباء بالمؤسسات وبالمديريات ببيانات تضامنية مع الأساتذة عكست وعيا حقيقيا بمهامها وبالشروط الموضوعية اللازمة لسير المنظومة، والتي يعتبر المدرس فيها عصب الأساس وحجر الزاوية، على النقيض من ذلك فوجئنا بمن يريد التكسب على حساب معاناة الأساتذة والتلاميذ على حد سواء، فرأينا كيف هرولت فدرالية جمعيات الآباء والأولياء الى الوزارة عوض أن تحتج عليها باعتبارها المسؤول الأول عما يجري حاليا، لا من حيث الإصلاحات الكارثية للتعليم ولا من حيث توفير الظروف اللازمة للدراسة، ولا من حيث تعاملها مع الأزمات.. صراحة يبدو أن هناك خللا ما في تكوين مكتبها المركزي الذي لا يعبر بتاتا عما عبرت عنه القواعد.
أما بخصوص مسألة تكافؤ الفرص والتعليم الخصوصي، أعتقد أنه لا بد من توضيح الأمور هنا… حينما نلقي نظرة على جميع الدول المتقدمة ونأخذ أوروبا كلها ،سواء الغربية أو حتى الشرقية، لن تجد إطلاقا شيئا اسمه التعليم الخصوصي في مجال التعليم المدرسي، لأنها تعتبر المدرسة العمومية الوطنية هي مصنع المواطن… لكن عندنا الأمور معاكسة، فالدولة تعتبر التعليم قطاعا غير منتج، فكيف بالله عليك أن يكون غير منتج وهو ينتج جميع من يعمل، هل يمكن بناء مجتمع بمواطنين جاهلين أميين. إن من يصنع المواطن يصنع الوطن، كانت هذه كلمة لابد منها.. 
بالعودة الى ما سميته هدر الزمن المدرسي، أحيلك على جميع السنوات الفارطة سواء في الزمن البعيد أو القريب مع إخواننا الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد.. رغم ما تم تنفيذه من إضرابات.. أطرح عليك سؤالا: هل انتهى الموسم الدراسي دون أن يستفيد التلاميذ من جميع دروسهم؟ تخيلوا معي: الأساتذة يقتطع من أجورهم، لكنهم رغم ذلك يعوضون التلاميذ ولا يمكن أن تصفى أنفسهم دون استفادة أبنائنا التلاميذ من جميع دروسهم.. وهذا يؤكد ما قلته سابقا، التلاميذ هم أبناؤنا قبل أن يكونوا متعلمين عندنا..

أسماء إزواون

Exit mobile version