Site icon جريدة النهار المغربية – Alnahar

بدء المحاكمة الاستئنافية للمتهمين في قضية الاغتصاب الجماعي لـ “طفلة تيفلت” وحقوقيون: حان وقت مراجعة القوانين

بدء المحاكمة الاستئنافية للمتهمين في قضية الاغتصاب الجماعي لـ "طفلة تيفلت" وحقوقيون: حان وقت مراجعة القوانين

في جديد قضية الاغتصاب الجماعي لـ “طفلة تيفلت” التي لم يتجاوز عمرها 11 عاما، وانجابها طفل، قررت غرفة الجنايات الاستئنافية لدى محكمة الاستئناف بالرباط، اليوم الخميس، الشروع في أولى جلسات محاكمة المتهمين الثلاثة استئنافيا. وفي اتصال بـ “الصحراء المغربية”، أكد محامي الضحية، الأستاذ محمد الصبار، من هيئة الرباط، أن هيئة الحكم اعتبرت الملف جاهزا، وقررت التأخير إلى الأسبوع المقبل، من أجل الاستماع إلى الضحية وإحدى مصرحات الملف “الشاهدة” التي وجه لها الاستدعاء، والشروع في المناقشة.

وحضر عدد من المحامين من هيئات مختلفة لمؤازرة الضحية والدفاع عنها في هذه المرحلة من المحاكمة، في حين أكد المحامي الصبار أن الضحية حضرت للمحاكمة إلى جانب والدها وجدتها.

يذكر أن غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية الرباط، سبق أن أدانت المتهمين الثلاثة (25 و32 و37 عاما)، بسنتين حبسا لكل واحد منهم، بعد متابعتهم من أجل التناوب على اغتصاب الضحية، وتدعى سناء، ما نتج عنه حمل وولادة طفل، يبلغ عمره حاليا عمره عاما وأربعة أشهر، في حين أثبتت الخبرة الجينية أنه ابن أحد المعتدين.

وفي انتظار ما ستسفر عنه المحاكمة الاستئنافية للمتابعين، مازالت القضية تثير ردود الأفعال الغاضبة من فعاليات المجتمع المدني والحقوقي إلى جانب مواطنين، حيث نظمت مساء أمس الأربعاء، وقفة احتجاجية عارمة أمام استئنافية الرباط، من طرف “ربيع الكرامة” بدعم من ائتلاف الجمعيات النسائية والحقوقية، تعالت فيها الأصوات والحناجر منددة بالحكم الابتدائي الصادر، حاملين شعارات تطالب بإنصاف الطفلة الضحية وتحقيق العدالة والحماية بالقوانين الزجرية. وبالموازاة معه ذلك، أكدت عواطف حيار، وزيرة التضامن والأسرة والادماج الاجتماعي، أنها تتابع الملف عن كثب إلى جانب النيابة العامة، مصرحة أن المغرب يتوفر على “منظومة قضائية قوية”، وعلى أهمية الثقة في منظومة العدالة.

 

 

عائشة الحيان: “الحكم “ينزع عن جريمة الاغتصاب بشاعتها ويتناقض مع ما حققناه دستوريا وحقوقيا”

عائشة الحيان المحامية بهيئة المحامين بالرباط، رئيسة اتحاد العمل النسائي، وفي تصريح لـ “الصحراء المغربية” قالت إن الوقفة الاحتجاجية، جاءت لـ “التنديد وشجب بأمثال الحكم الصادر التي تشجع على الإفلات من العقاب وتستبيح أجساد الطفلات والنساء، وتعتبر ما تعرضن له من جريمة بشعة وخطرة لا يرقى إلى الجرائم الخطيرة التي تستحق عقابا رادعا يوازي خطورة الفعل المرتكب”.

وأضافت المحامية قائلة “دواعي كثيرة استحضرت لتنظيم الوقفة أبرزها تعليل المحكمة بأن الفعل المرتكب والعقوبة المقررة في فصول المتابعة قاسية مقارنة مع خطورة الفعل”، متسائلة “هل هناك خطورة أكثر من الاستباحة والتناوب على استغلال جسد طفلة في عمر أبناء المتهمين؟ كيف يمكن التطبيع مع هذه الجرائم واعتبارها غير خطيرة؟ كيف نراعي الظروف الاجتماعية للمغتصبين عوض آلام وخطورة الفعل وآثاره النفسية والجسدية والجنسية ووصمة العار التي ستلاحق الضحية، وهي مثقلة اليوم بطفل آخر لا تقل معاناته عن معاناة أمه؟”.

وأبرزت المحامية أن الحكم “ينزع عن جريمة الاغتصاب بشاعتها، ويتناقض مع ما حققناه دستوريا وحقوقيا من تعزيز للحريات، وما حققه المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية في سبيل حماية الأطفال والنساء”، لافتة إلى أن “التصدي للاعتداءات الجنسية لا يمكن دون تغيير جذري وشامل للقوانين الوطنية لتنقيتها من مظاهر التمييز واستثناء جرائم الاعتداءات الجنسية ضد النساء والأطفال التي يستفيد منها الجناة من عقوبات مخففة”، مطالبة بـ “حصر السلطة التقديرية الواسعة للقضاة التي يمنحها الفصل 146 من القانون الجنائي في تمتيع المتهمين في هذه القضايا بظروف التخفيف”.

 

الحبيب حاجي: “وقائع القضية توحي بأن الجريمة بشعة أكثر من التكييف والعقوبة المحكوم بها”

 وفي تعليق على القرار وتفاصيل الواقعة وتعليلها قال المحامي والحقوقي الحبيب حاجي، من هيئة المحامين بتطوان إن “الوقائع المضمنة بالقرار تبين أن الضحية القاصر لم تسلم جسدها برضاها وإرادتها. لأن المحيط الذي أخذت إليه للممارسة لا يدل على الرضا. والرضا تبحث عنه المحكمة وتبين سنده الواقعي“.

وأضاف حاجي في تصريح لـ “الصحراء المغربية” أن “الفعل الممارس على الضحية يبدو اغتصابا، أي وطء امرأة دون رضاها، وليس مجرد هتك للعرض بالعنف، فهو مفهوم واسع بالمقارنة مع الاغتصاب“.

وأوضح المحامي بالقول إن “التكييف الملائم لوقائع القرار هو الاغتصاب مادام هناك تكرار للفعل تحت التهديد من جهة، وممارسة جماعية من جهة أخرى، فليس هناك ملابسات معينة تدفع بالمحكمة إلى ظروف التخفيف، وليست هناك ظروف اجتماعية تدفع الانسان إلى مثل هذه الجرائم“.

وختم الأستاذ حجي تعليقه قائلا “إن وقائع القضية كما هي مسطرة في القرار توحي بأن الجريمة بشعة أكثر من التكييف المعطى لها والعقوبة المحكوم بها. فرغم أن القانون يساوي في العقوبة في التكييف بين هتك العرض بالعنف والاغتصاب، ففي حالتنا هذه والتي تصل العقوبة إلى 30 سنة، فإن هتك العرض بالعنف ينظمه الفصل 485 من القانون الجنائي، والاغتصاب ينظمه الفصل 486 منه. وحالتنا تنطبق عليها الفقرة الثانية من الفصل 486. وما دام أن هناك مساعد ساعد على ارتكاب الفعل وهناك افتضاض وممارسة جماعية فليعمل كذلك بالفصل 487 و488 من قانون المسطرة الجنائية”.

 

نرجس بنعزو: “الطفلة كانت ضحية للاغتصاب ولحكم صادر ولقوانين حان وقت مراجعتها”

من جانبها، قالت نرجس بنعزو، رئيسة ائتلاف 490، إن الجمعية تندد بالجريمة التي تعرضت لها الفتاة التي لا يتجاوز عمرها 11 عاما وبالحكم الصادر، مشيرة إلى أن “القانون واضح في مثل هذا النوع من الجرائم، التي تصل فيها العقوبة إلى 30 سنة، وإن كان القاضي متع المتهمين بأقصى ظروف التخفيف، فنأمل أن يجري تدارك الأمر في مرحلة الاستئناف وأن تأخذ العدالة مجراها ويعود الحق للضحية الأولى وهي الطفلة، وللضحية الثاني وهو الطفل”.

واعتبرت رئيسة الائتلاف في تصريح لـ “الصحراء المغربية” أن الطفلة “كانت ضحية للاغتصاب الجماعي وللحكم الصادر وللقوانين التي لا تسمح بالإجهاض في حالات الحمل الناتج عن الاغتصاب، وكذا قضايا تبوث النسب، لأن مولودها وإن تبث نسبه إلى أحد المغتصبين إلا أن القانون لا يعترف به كإبن له”. وأكدت متحدثتنا أن القضية “عرت على مجموعة من المشاكل والثغرات في القانون الجنائي المغربي ومدونة الأسرة التي حان الوقت لأجل مراجعتها بشكل شمولي”.

 

 

 

Exit mobile version