Site icon جريدة النهار المغربية – Alnahar

بنطلحة الدكالي: روح المسيرة الخضراء تجسد الدينامية المتجددة لملف الصحراء المغربية

بنطلحة الدكالي: روح المسيرة الخضراء تجسد الدينامية المتجددة لملف الصحراء المغربية

أكد محمد بنطلحة الدكالي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن تخليد الذكرى الـ 48 للمسيرة الخضراء (2023-1975)، يعكس الروح الجديدة لمنطق الشرعية الدولية، من خلال الانتصار للمقاربة المغربية التي استطاعت استيعاب مختلف التحولات الجيو – سياسية، خاصة على مستوى كيفية إيجاد حل عادل للنزاع المفتعل حول قضية الوحدة الترابية للمملكة.

وأضاف بنطلحة الدكالي، وهو أيضا رئيس المركز الوطني للدراسات والأبحات حول الصحراء التابع لجامعة القاضي عياض، في لقاء مع “الصحراء المغربية” أن المسيرة الخضراء تعكس في جوهرها ذلك الرباط المقدس بين العرش والشعب في الدفاع عن الوحدة الوطنية، وعن الثوابت التي تشكل كيان هذه المملكة عبر التاريخ، لأن قيمها تجسد صلب الهوية المغربية المفعمة بالروح الوطنية، مبرزا أن روح المسيرة الخضراء هي روح متجددة باستمرار قائمة على البذل والعطاء والإيمان بمغرب أقوى اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا حتى يمكننا الوقوف في وجه كل المؤامرات والدسائس التي تستهدف المس باستقرار وطننا ووحدته وثوابته.

ويرى أستاذ العلوم السياسية، أن هذه الروح تجسد الدينامية المتجددة التي يعرفها ملف الصحراء المغربية حيث شكل ذلك صدمة في محيط أعداء الوحدة الترابية للمملكة، خصوصا بعد تجديد المجتمع الدولي دعمه الكامل لمغربية الصحراء ولمخطط الحكم الذاتي باعتباره حلا واقعيا ونهائيا لهذا النزاع، خلال التصويت على القرار الأممي 2703، والذي عبر عن الموقف الدولي المنسجم لدعم حل سياسي واقعي عملي براغماتي و متوافق بشأنه، وفتح بالتالي نافذة جديدة من أجل التقدم في العملية السياسية عبر تأكيد الدعم للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستافان ديميستورا والحاجة للبناء على زخم الموائد المستديرة السابقة في سنتي 2018 و 2019 فضلا عن إيلاء الاهتمام للعملية السياسية كخيار لا رجعة فيه.

وأضاف بنطلحة الدكالي، أنه بالرغم من مرور 48 سنة على المسيرة الخضراء فإن التفكير في معانيها العميقة وروحها المتجددة لا يزال متواصلا، مشيرا إلى أن المسيرة الخضراء استلهمت تفردها وطابعها الخلاق من كونها مسيرة ملك وشعب.

وأوضح أن ملحمة المسيرة الخضراء جسدت معاني التضحية ووحدة الجبهة الوطنية، التي تطبعها الاستمرارية من جيل إلى جيل على مختلف المستويات، مبرزا أن المملكة المغربية مستمرة بأمجادها ومتمسكة بحقوقها السيادية.

وحسب أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، فإن مضمون قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، عدد 2703 المتعلق بقضية الصحراء المغربية، والذي يمدد ولاية بعثة المينورسو لمدة سنة إلى غاية متم أكتوبر 2024، يعكس رأيا واضحا لدى المجتمع الدولي بشأن الوضع الراهن للعملية السياسية ويحث الجزائر على الاستجابة الصادقة و الامتثال بأمانة للإرادة الدولية وبالتالي فالجزائر مطالبة بقراءة صحيحة للقرار الأممي والابتعاد عن ردود الفعل الجوفاء والتصرفات العمياء باعتبارها الطرف الرئيسي في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

وأضاف بنطلحة أن القرار الأممي المذكور يوسع التراكمات الإيجابية لصالح ملف الصحراء المغربية ويحافظ على مقتضيات وأحكام حاسمة تنسجم مع ثوابت الموقف السيادي المعبر عنها في خطب جلالة الملك محمد السادس، مشيرا الى أن القرار في العديد من محاوره يمثل تعبيرا اخر عن نجاح المغرب في إقناع أطراف دولية بموقفه السيادي في إطار مبادئ السيادة و الوحدة الترابية.

وأوضح بنطلحة أن المغرب، ومنذ استكمال وحدته الترابية، باسترجاع الصحراء في 1975، اتخذ خيارا لا رجعة فيه لتثمين هذا المكتسب من خلال بذل جهود كبيرة وإحداث فرص جديدة لتنمية هذه الأقاليم.

وقال بنطلحة، في هدا الإطار، إن المسلسل الذي انطلق منذ العام 1975 تعزز من خلال النموذج الجديد لتنمية الأقاليم الجنوبية الذي أطلقه جلالة الملك في 2015، مسجلا أن هذا النموذج عمل على تعبئة كافة الطاقات من أجل تحفيز عملية التنمية في المناطق ذات القيمة المضافة العالية، بهدف ضمان كرامة مواطني الصحراء المغربية.

وتماشيا مع أولويات هذا النموذج وخطة الأمم المتحدة للعام 2030، يتابع المتحدث، فإن المشاريع الاقتصادية والاجتماعية والطاقية وتلك المتعلقة بالبنيات التحتية عجلت بتحويل الصحراء إلى قطب اقتصادي مزدهر تستفيد منه الساكنة المحلية، وبوابة واعدة للاستثمارات في إفريقيا.

وأكد أن خيار المغرب الذي لا رجعة فيه بجعل المنطقة قطبا اقتصاديا ووضع ساكنة الصحراء في قلب كل السياسات، يجسد إرادة الدولة، ملكا وحكومة وشعبا، مواصلة مسار التنمية والازدهار في الأقاليم الجنوبية والمنطقة بأكملها.

وتوقف بنطلحة الدكالي، في حديثه ل”الصحراء المغربية”، عند الزخم التنموي الذي تشهده الأقاليم الجنوبية للمملكة، من خلال التخطيط الاستراتيجي للدولة المغربية لتنمية هذه الأقاليم، والذي يقوم على أساس تعزيز الدينامية الاقتصادية والاجتماعية، مستحضرا ميناء الداخلة الأطلسي الذي يكتسي أهمية إستراتيجية بالنسبة لإفريقيا الغربية والأقاليم الجنوبية

للمملكة المغربية، خاصة جهة الداخلة وادي الذهب، حيث سيتيح، من جهة، دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية. والصناعية للجهة في جميع القطاعات الإنتاجية (الصيد البحري، الزراعة، التعدين، الطاقة، السياحة، التجارة، الصناعات التحويلية، إلخ).

وبعد تأكيده على أن المغرب، يراهن من خلال هذا الميناء الجديد، على جعل الواجهة الأطلسية بجنوب المملكة واجهة بحرية للتكامل الاقتصادي والإشعاعيين القاري والدولي، إلى جانب ميناء طنجة المتوسط، استحضر بنطلحة الدكالي المشاريع التنموية الإستراتيجية والمهيكلة التي تم إطلاقها في الأقاليم الجنوبية، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي من شأنها أن تجعل من جل الحواضر بالصحراء المغربية منطقة جدب ونماء واستثمار تكريسا للطموح المغربي من أجل تطوير اقتصاد أقاليمه الجنوبية.

وأشار إلى أن مشروع خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي، الذي ولد بفضل الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس والرئيس النيجيري محمد بخاري، سيغير وجه إفريقيا ويشكل رافعة قوية للتنمية والتكامل الإقليميين، مؤكدا أن هذا المشروع التكاملي الاستراتيجي، يهدف إلى تثمين وتعزيز الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بمختلف البلدان التي سيعبرها، ولا سيما من خلال تسريع وتيرة التغطية بالكهرباء ودعم التنمية المحلية، وتعزيز الاقتصاد الإقليمي والتكامل الاقتصادي.

وبخصوص التقدم الإيجابي لقضية الوحدة الترابية منذ اقتراح مخطط الحكم الذاتي من قبل المغرب سنة 2007 ، أكد محمد بنطلحة الدكالي، أن الإشادات الدولية المتتالية لمبادرة الحكم الذاتي المغربية باعتبارها جدية وذا مصداقية، مؤشر ايجابي على انفراج الملف في اتجاه حل واقعي موضوعي، مشيرا إلى أن جميع المؤشرات السياسية والدبلوماسية تؤكد أن الحل المغربي ماض في حصد تأييد عدد كبير من دول العالم في القارات الخمس، لان المجتمع الدولي بات مقتنعا بأن حل النزاع المفتعل في الصحراء المغربية لايمكن إلا أن يأخد بعين الاعتبار مشروعية المغرب التاريخية والقانونية.

وأبرز أن المملكة تمكنت اليوم من تحقيق مكاسب دبلوماسية غير مسبوقة تعكس فعالية الدبلوماسية المغربية بقيادة جلالة الملك محمد السادس رائد دبلوماسية المبادرات والعمل النابع من الالتزام بالوعود والاتفاقات، مشيرا إلى أن الصحراء المغربية أضحت، على المستوى التنموي، بيئة حاضنة وجاذبة للاستثمار والفرص بفضل النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية.

وأكد أستاذ العلوم السياسية، أن العديد من الدول ترى اليوم أن مصلحتها مع المغرب باعتباره حليفا يتمتع بمصداقية كبيرة بعد تسجيل مواقف جوهرية وتاريخية لمصلحة الحكم الذاتي وسيادة المغرب على صحرائه من طرف دول وازنة إقليميا ودوليا، مبرزا أن هذا المعطى أضحى يزعج خصوم الوحدة الترابية ويربك تحركاتهم، ووضعهم في عزلة.

وشدد على أهمية الترافع القانوني والأكاديمي في دحض الطروحات التي يرددها الخصوم بصدد قضية الصحراء المغربية، مشيرا في هذا السياق، إلى أن المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول قضايا الصحراء، باعتباره بنية وطنية بحثية ومنفتحة على كل الكفاءات والمؤسسات والمراكز البحثية والمختبرات العلمية الجامعية التي تتقاسم معه وحدة الموضوع، يحاول من خلال إطلاق مجموعة من المشاريع العلمية، تبني المسالك الكفيلة بإنجاح الدبلوماسية الموازية، من خلال تنمية وتطوير أدوارها وقنواتها باعتبارها مكملا رئيسيا لتوجيهات جلالة الملك محمد السادس، خاصة وأن العصر الراهن في حاجة ماسة الى منح الفعل الدبلوماسي القدرة التأتيرية والفعالية الضرورية على رأسها الوحدة الترابية.

وخلص الى أن المركز يطمح إلى تفعيل برنامج عمل سنوي هادف، يتوزع على سلسلة من الأنشطة والمشاريع الأكاديمية الهامة التي تسعى، أساسا، إلى التفكير في بدائل مبتكرة للدبلوماسية الموازية والبحث العلمي الرصين في تنمية الطاقات البشرية والطبيعية التي تزخر بها الأقاليم الجنوبية، والتي تخولها أن تصبح قاطرة اقتصادية وعلمية على المستويين الإقليمي والقاري.

Exit mobile version