Site icon جريدة النهار المغربية – Alnahar

“أجي تخدمي من دارك” إعلانات توظيف وهمية تنتشر عبر المنصات الرقمية لاستدراج الفتيات والنساء لأعمال منافية للأخلاق والآداب العامة

"أجي تخدمي من دارك" إعلانات توظيف وهمية تنتشر عبر المنصات الرقمية لاستدراج الفتيات والنساء لأعمال منافية للأخلاق والآداب العامة

تشكل إعلانات الوظائف المغرية والكاذبة عبر الوسائط الرقمية وسيلة خطيرة يمكن استخدامها لاستدراج النساء والفتيات للعمل في أنشطة منافية للأخلاق والآداب العامة، لا سيما في زمن يتسم بالتطور التكنولوجي وسرعة انتشار المعلومات وتزايد استخدامات المنصات الرقمية والاجتماعية في الحياة اليومية لعموم المواطنين، ما بات يثير الكثير من القلق لدى الخبراء والمتخصصين، الذين أمسوا يدقون ناقوس خطر استغلال حلم الكثيرين والكثيرات في إيجاد فرص عمل جيدة لجذبهم واستمالتهم لأعمال لاأخلاقية بواسطة الترويج لوظائف مزيفة تحقق الأرباح في وقت قياسي دون مراوحة المكان.

وبات التحقق من مصداقية الإعلانات والشركات التي تعلن عن الوظائف عبر مختلف صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لا مناص منه قبل التقدم لأي وظيفة، مما يتعين تعزيز الوعي حول هذا النوع من الاحتيال والتمكن من الآليات والوسائل التي تسمح بتجنب الوقوع في فخ الوظائف الوهمية، تؤكد لنا ليلى (اسم مستعار)، إحدى ضحايا الإعلانات المزيفة، التي وجدت نفسها قاب وقوسين أو أدنى من الوقوع فريسة لإحدى شبكات الدعارة الإلكترونية تحت يافطة “أجي تخدمي من دارك”، لولا نباهتها التي جعلتها ترتاب حين طالبتها وكيلة الشركة المفترضة بإرسال صور لها تظهر فيها كاملة ومرتدية فستانا يكشف بعضا من مفاتنها، بدعوى أن العمل يتطلب فتيات ذوات مظهر معين ومتفرغات لإجراء محادثات “عفوية” مع مستخدمين ذكور من جنسيات مختلفة، ويتم استخلاص الأجر الشهري حسب المدة الزمنية التي تقضيها الفتاة في المحادثة، كما تستفيد “المذيعة” من هدايا الداعمين التي تترجم إلى مبالغ مالية يخصم جزء منها لفائدة الوكيلة والشركة المسؤولة عن التطبيق.
تقول ليلى إنها كانت تتصفح الإنترنت بحثا عن فرصة عمل تتناسب واحتياجاتها وظروفها الخاصة، لاسيما أنها أم لطفلين لا يتجاوز أكبرهما ربيعه الثالث، قبل أن تقع عينها على إعلان نشر في إحدى المجموعات النسائية عبر موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، يتحدث عن وظيفة شغل من المنزل بدخل مريح ومرونة في العمل، ويؤكد واضع الإعلان على التواصل معه في الخاص للحصول على مزيد من المعلومات المتعلقة بهذه الفرصة التي بدت لمحدثتنا، من الوهلة الأولى، فرصة عمل جذابة وأمل في التوفر على مدخول مادي من المنزل، ما يسمح لها بالعناية بطفليها دون تركهما في عهدة أحد من أقاربها أو وضعهما في حضانة.
تتابع ليلى أن الوكيلة وضعت بين يديها كافة تفاصيل العمل، والذي يتم عبر تحميل تطبيق للتعارف والمواعدة، حيث يتم إجراء مكالمات عشوائية للحصول على أصدقاء من مختلف المعمور، وبعدها يتم الانتقال إلى المكالمات الخاصة حيث تعمل “المذيعة”، وهذا هو الاسم الذي يطلق على العاملات في هذا التطبيق، على الحديث صوتا وصورة مع “المستخدم”، كما يوفر التطبيق خاصية الترجمة للمراسلات الفورية في حالة كان الطرفان لا يتحدثان اللغة نفسها.
وأوردت محدثتنا أن الوكيلة عملت على إغرائها بكل الطرق للحصول على موافقتها، مدعية أن المحادثات المباشرة بواسطة التطبيق محمية رقميا ولا يمكن تسجيلها، كما تستطيع إخفاء وجهها شريطة الالتزام بإظهار باقي تفاصيل جسمها للمستخدم، وهو ما سيسمح لها بتوفير مدخول يومي يصل إلى 500 درهم مقابل أربع ساعات من العمل فقط، و2000 درهم أسبوعيا، يتم إرسالها من الشركة إلى الحساب البنكي للفتاة أو عبر إحدى وكالات التحويل المالي.
بحثا في هذا الموضوع، عاينت “الصحراء المغربية” سهولة الولوج إلى المنصات الرقمية والتطبيقات التي تشتغل على هذا المنوال تحت عناوين ومسميات عديدة وجذابة، لاسيما أن وكلاء هذه التطبيقات ينتهجون سياسة ترويجية تعتمد على غزو مواقع التواصل الاجتماعي بالحسابات الوهمية والتدوينات الغزيرة خاصة بالمجموعات النسائية للتسويق للعمل الافتراضي المدر للأموال، والذي لا يعتمد على أي مؤهلات أو مهارات تقنية، سوى التوفر على هاتف ذكي وشبكة أنترنت بتدفق سريع، ويشترط على المستخدمين والمستخدمات عدم التعري أو التلفظ بالكلام النابي أو الإيحاءات الجنسية، غير أننا اكتشفنا في تواصلنا مع وكيلة أحد هذه التطبيقات، بعدما أبدينا رغبتنا في العمل ضمن فريقها، أن الأرباح التي يمكن جنيها من المحادثات المباشرة تعتمد على “شطارتنا” وحدود ما يمكننا تقديمه للمستخدمين خلال المكالمات الخاصة بالصوت والصورة، وزادت لتطميننا أنه لا ضرورة لوضع اسمنا الحقيقي حيث يمكن اختيار اسم آخر بدلا منه للولوج إلى التطبيق، كما يمكننا إخفاء الوجه بتوجيه الكاميرا إلى الأسفل أو وضع وشاح عليه حتى لا يتم كشف هويتنا، ولمحت إلى حرية التعامل مع المستخدمين بالطريقة التي تناسبنا…
وفي سياق الحصول على المعلومات المتعلقة بهذا النشاط، لم تكتف “الوكيلة” بالتجاوب فقط بل قدمت لنا شرحا دقيقا حول التطبيق المعني من خلال شريط فيديو حيث قامت بتبسيط عملية التسجيل وشرحت كيفية التعامل مع واجهة الولوج إلى التطبيق وطريقة وضع المعلومات والبيانات المتعلقة بنا، فضلا عن كيفية اختيار صورة بروفايل، والتي غالبا ما تكون غير حقيقية ومأخوذة من على شبكة الإنترنت، وأكدت لنا أن العديد من الفتيات والنساء من مختلف الأعمار يشتغلن في هذا التطبيق وحققن أرباحا مهمة خلال فترة وجيزة، تتراوح ما بين 5000 و10000 درهم شهريا.
المثير في القصة أن “الوكيلة” توقفت عن التواصل معنا عبر خاصية الواتساب بمجرد طرحنا استفسارا بسيطا بخصوص شرعية الأعمال التي تمارسها وإمكانية تورطها في أنشطة تتعارض مع القيم الأخلاقية والآداب العامة.
في هذا الصدد، حذر محمد بلمهدي، رئيس المركز المغربي للحماية من الابتزاز الإلكتروني، من تنامي ظاهرة الدعارة الإلكترونية من خلال استدراج النساء عبر تدوينات متعددة وتحت أسباب مختلفة، مشيرا إلى وجود فتيات يبحثن عن نساء من أجل ممارسة الجنس الافتراضي، عبر كاميرا الهاتف مقابل مساعدتهن على تهجيرهن إلى دول عربية، موضحا أن التصدي لهذه الظاهرة تواجهه إكراهات تتمثل في تطور وتنوع أساليب الجذب والإغراء، ورغبة الضحايا المفترضات في تحسين دخلهن والحصول على مبالغ مالية من منزلهن على أساس ألا أحد سيعرف طبيعة العمل أو المحتوى الجنسي الذي يتم الاتفاق عليه، ولكن للأسف، يفيد بلمهدي، تظهر بين الفينة والأخرى مساومات وقضايا ابتزاز لنساء من طرف مستخدمين قاموا بالتقاط وتسجيل المحادثات الجنسية وتهديد النساء بها أو نشرها وأحيانا تلج المواقع الجنسية العالمية.
وتابع بلمهدي، في حديثه لـ”الصحراء المغربية”، أن المركز المغربي للحماية من الابتزاز الإلكتروني لاحظ منذ تأسيسه سنة 2019 أن جهة ما تقف وراء إعلانات التوظيف الوهمية، سواء من خلال نشر تدوينات أو وضع إعلان تحت منشور لقضية تحظى بتتبع محلي أو تشكل رأي عام وطني، وغالبا ما تركز هذه الإعلانات المشبوهة على الجانب المالي ودعوة النساء لتحقيق استقلال مادي والحصول على مدخول مع المطالبة بالدخول على الرابط والتواصل على الواتساب، وهناك من الوسيطات من تختار ضحاياها عبر الاتصال بهن على الخاص، محاولة إقناعهن بالعمل إما بمحلات تدليك مقابل مبالغ مهمة تغري المتصل بها والتي يتم تتبعها عبر مراحل.
ومن الوسائل أيضا، يضيف بلمهدي، قيام حسابات مزيفة بنشر تدوينات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ودعوة النساء الراغبات في الهجرة إلى دول عربية للاتصال برقم معين وقيام شخص من تلك الدولة بالتكفل بجميع المصاريف، وتذهب حسابات أخرى إلى محاولة إقناع النساء بوجود شخص سخي يعطي ألف درهم مقابل كل اتصال فيديو عبر الواتساب.
وأكد المتحدث ذاته على ضرورة تعزيز الوعي بشأن الممارسات التي تدخل في نطاق الجرائم الإلكترونية، وعدم الوثوق بشكل كامل في الحسابات التي تحاول التواصل مع النساء، وخصوصا القاصرات اللاتي يجب على الأسر فتح نقاش أسري جاد ومسؤول وتوعيتهن بخطورة الوقوع في شباك الدعارة الإلكترونية.
 وفي هذا السياق، طالب رئيس المركز المغربي للحماية من الابتزاز الإلكتروني، بالانخراط الجاد لجميع أطياف المجتمع في التصدي لهذه الظاهرة التي باتت تشكل فيروسا ينخر جسم المجتمع المغربي لأنها جرائم صامتة تستهدف عمود الأسرة المغربية، المرأة الأم والأخت والزوجة، وتفاديا كذلك للسقوط في فخ الابتزاز والسكوت وعدم البوح خوفا من الفضيحة أو المتابعة القضائية بالنسبة للنساء المتزوجات، اللائي من الممكن أن يجدن أنفسهن متابعات بالخيانة الزوجية لأن هناك قرارا لمحكمة النقض يجيز اعتبار حصول النشوة الجنسية بمثابة خيانة زوجية حتى ولو عبر لقاء افتراضي بين الزوجة وشخص غريب.

أسماء إزواون 

Exit mobile version