فضاءات الإيواء بمراكش ومرزوكة تستعد لاستقبال السنة الجديدة بحجوزات كاملة
جرت العادة أن تنطلق الاستعدادات لاحتفالات “العام الميلادي الجديد” كل سنة في وقت مبكر من شهر دجنبر، وأحيانا تكون الحجوزات نفدت منذ أواخر أكتوبر، وفق ما أبداه جملة من المهنيين لجريدة النهار؛ لكن الشروع حاليا في الاستعداد “للبوناني” بالنقط السياحية الأساسية بالمغرب، لاسيما مراكش وصحراء مرزوكة، يحيل على أن “رأس السنة لن يتأثر بالتداعيات التي يُتحدثُ عنها وسيظل الزوار التقليديون أوفياء للوجهة المغربية” حسب المهنيين أنفسهم.
وظلت هذه الوجهة تحتفظ بجاذبيتها وريادتها العالمية للاحتفال بـ”العيد المسيحي”، ودأبت ثلة من نجوم المغرب والعالم ومشاهير السياسة والرياضة على قضاء هذه المناسبة في مدن مغربية تقدم تصورا خاصا لرأس السنة؛ مع أن المهنيين مازالوا يأملون أن يصبح هذا “التدفق السنوي الهائل” خلال هذه الفترة طقسا سياحيا يطبع المشهد السياحي المغربي، نظرا للفرق المهم الذي يُحدثه في بنية القطاع ماديا وأيضا تسويقيا.
مراكش تتجهز
عبد الإله أوفارس، مسير وحدة فندقية بمراكش، أكد أن “هناك حركية لا أحد يستطيع إنكارها في الحجوزات خلال احتفاليات رأس السنة المقبلة”، موضحا أن “العديد من الفنادق والرياض والمآوي، التي يُقبل عليها الزوار الأجانب في هذه المناسبة، صارت تشهدُ حجوزات متواصلة منذ مدة.. رغم كل ما يثار بخصوص الحرب في الشرق الأوسط ورغم تأثيراتها غير المباشرة على القطاع، فإن احتفالات العام الجديد ستكون بنفس أهميتها المعروفة والسابقة”.
وأبرز أوفارس، في تصريحه لجريدة جريدة النهار، أن “الاستعدادات تبدأ منذ الآن، تفاديا لأي ارتباك خلال الأسبوع الأخير من الشهر الجاري، الذي تعرف فيه مراكش تدفقا ملفتا في صفوف السياح”، مسجلا أن “الجميع يدرك أهمية هذه الظرفية وما يمكن أن تخلقه من رواج في القطاع السياحي؛ لكن الرهان عليها ليس مباشرا بشكل حصري، بمعنى أن الرهان يكون كذلك على أثرها وما ستخلُقه لدى الأجانب من رغبة في اقتراح قضاء رأس السنة في مراكش”.
وأبرز المتحدث ذاته أن “هذه المناسبة ترفع من حدة الضغط على المرافق السياحية وأيضا على العاملين في هذه المرافق، لهذا نحرصُ أن يكون تعاملنا منسجما مع رغبات الزوار”، لافتا إلى أن “التجربة برهنت كيف أن كثيرين من ضمن الذين يأتون في نهاية السنة يفصحون عن كونهم قضوا هذه الاحتفاليات في المغرب قبل سنوات عديدة؛ ما يكشف أن الغايات المرفوعة لدى جل المهنيين تؤتي أكلها، وتقرب الأجانب من الثقافة المغربية التي يتميز بها العرض السياحي الوطني”.
وأجمل قائلا: “هناك أسواق جديدة صارت تُقبل على المنتوج السياحي الوطني هذه الفترة، خصوصا من أمريكا اللاتينية”، مبينا أن “الرهان اليوم هو التكيف مع خصوصية كل سوق والوافدين منها، لأجل ضمان المزيد من الانتشار في أسواق أخرى”، مؤكدا أن “الجهات المختصة لا بد أن تسارع لفتح خطوط جوية جديدة مع العديد من البلدان في آسيا وفي أمريكا اللاتينية والهند، لكي نضمن الوصول إلى الأسواق السياحية الواحدة والتي يكون تأثيرها على المداخيل السياحية مهما في رأس السنة وغيرها”.
الصحراء تستعد
محمد تغلاوي، مالك مخيم سياحي بصحاري مرزوكة، أكد أن “المهنيين انطلقوا بالفعل في الإعداد لاحتفالات رأس السنة الميلادية المُقبلة”، قائلا: كان أرباب المخيمات والفنادق يراهنون سنويا لتقديم عرض يتصف بالمعايير العالمية لهذه الاحتفالية الاعتبارية لدى الأجانب بالتحديد”، وزاد: “مخيمنا نفدت خيامه المتاحة بسبب الحجز، مع أن هناك أجانب من روسيا سيأتون فقط لتناول العشاء تلك الليلة بما أن المخيمات ممتلئة”.
وأشار تغلاوي، في تصريحه لجريدة جريدة النهار، إلى أن “التصور السياحي الذي يقدمه الفاعلون في الصحراء كان دائما مُستجيبا للعديد من التطلعات التي يبحثُ عنها الأجنبي الذي يرغب في تجربة احتفالات رأس السنة بشكل مختلف عن السائد والمألوف”، مؤكدا أن “عرض مرزوكة كان دائما تنافسيا خلال هذه الاحتفالات الموسمية وقادرا على استقطاب الأجانب، بحكم الجاهزية والخبرة التي راكمها المهنيون”.
وأبرز المتحدث عينه أن “القطاع السياحي يشكل عنصرا أساسيا في بنية اقتصاد المنطقة، لهذا استطاع الفاعلون تقديم خدمات بمعايير تنطلق من الثقافة المحلية وتثمينها؛ ولكن تفتحها على تعابير المعاصرة. والزائر الأجنبي يعثر على تنوع وغنى يعكس الخصوصية السوسيوثقافية للمنطقة”، مسجلا أن “هناك تنقيبا متواصلا من طرف الفنادق والمخيمات، والجميع يسارع الزمن لكي يجد فرقة موسيقية أو كناوية لتقديم هذه الخصوصية للزوار خلال احتفاليات رأس السنة التي تفصلنا عنها أيام”.
من جانبه، أكد علي أوباسيدي، المستثمر السياحي بمنطقة “أسامر”، أن “المخيمات ممتلئة؛ لكن بعضها لا يعيش الوضع ذاته، في الوقت الحالي بسبب التأثيرات العالمية”، موضحا أن “الرهان هذه السنة صار ينفتح أكثر على السياحة الداخلية، خصوصا بعدما اتضح أن هناك نوعا من التشنج في العلاقات التبادلية بين أبناء الصحراء وبين الزوار المغاربة”، داعيا إلى “تأهيل هذا العرض الداخلي من خلال تكوين الفاعلين في التعامل مع المغاربة، وأيضا تأطير سلوكيات الزوار بمعايير المنطقة”.
وعلى الرغم من أنه لا ينفي أن “مخيمه تم حجزه بالكامل خلال ليلتي رأس السنة”، فإن أوباسيدي سجل في الصدد ذاته أن “القطاع السياحي قطاع حساس، يتأثر باستمرار بالمتغيرات العالمية”؛ لكنه أكد أيضا أن “المشهد السياحي مع ذلك له نوع من الزبناء من بعض الجنسيات التي تعد وفية لتمضية رأس السنة في الصحراء؛ وهو ما صار يمثل نوعا من الأهمية بالنسبة للفاعلين الذين راكموا خبرة كبيرة في التعامل مع السياح من مختلف مناطق العالم”.
تابعوا آخر الأخبار من جريدة النهار على Google News