قال أحمد بخري، مهندس خبير في الماء والبيئة، إن التدابير التي اتخذتها الحكومة لترشيد وتأطير الاستعمالات المختلفة مهمة جدا وشاملة، حيث تتطرق إلى كل جوانب الحياة وكل أوجه الاستعمال الممكن للماء، وأكد أنه يستوجب إرفاقها بآليات المراقبة والتتبع وكذلك تطبيق وسائل الردع والمحاسبة بطريقة ديمقراطية خالية من الطبقية والمحاباة حتى تستوفي أهدافها.
وأوضح أحمد بخري، في تصريح لـ»الصحراء المغربية»، أن كل هذه الإجراءات من المفيد أن تجد تضامنا من جل المواطنين لكي تكون فاعلة وتكون مردوديتها أجل وأعظم، ودعا إلى استمرار تطبيق الإجراءات في الزمان كوسيلة تربوية لتحسيس الأجيال القادمة بأهمية الموارد المائية ومحدوديتها في الزمان والمكان.
وأردف المصدر ذاته قائلا إن التدبير المتخذة بالرغم من أهميتها إلا أنها تبقى غير كافية للحفاظ على هذه المادة الحيوية، ولا بد من البحث عن طرق علمية يمكننا بواسطتها ضبط الحاجيات بكل دقة متناهية وتلبية المتطلبات في حدود ما يلزم فقط وتوفير الكميات الزائدة التي تضيع بواسطة التسرب والتبخر وغيرهما..
ودعا الخبير المائي المواطنين إلى الالتزام بمجموعة من التدابير من أجل الحفاظ على هذه المادة الحيوية من ضمنها، تغيير سلوكاتهم وتعاملهم مع الموارد المائية خاصة في فترة الندرة، وانخراط الجميع في هذا العمل التضامني الوطني ذي البعد الإنساني والتزام جميع مكونات المجتمع بمضامين الإجراءات المتخذة من قبل الجهات المسؤولة، مشيرا في هذا الصدد إلى أن جل الأحواض المائية تعرف عجزا مهما أثر على الإمدادات المائية انطلاقا من السدود وحتى المياه الجوفية ولا يوجد حوض مائي في منأى عن معضلة الندرة المائية.
وحث الجميع على الاقتصاد في الماء وعدم تبذيره باعتباره مادة ثمينة ونادرة كما أن تكلفة التعبئة أصبحت مكلفة وتثقل الميزانيات الفردية وميزانية الدولة، والعمل على محاربة تضييع الماء والإخبار عن التسربات من قنوات الجر والتوزيع والخزانات وغيرها لأن هذا الأمر أصبح واجبا وطنيا.
وأوضح بخري أن الاقتصاد في الاستهلاك من طرف أي مواطن ما هو إلا اقتصاد من فاتورة الأداء وبالتالي وسيلة للتوفير (اقتصاد 20 في المائة من الاستهلاك يوازي تحفيز 20 في المائة إضافية في الفاتورة).
وبخصوص استنزاف المياه من قبل بعض الزراعات، والتي دقت جمعيات المجتمع المدني ناقوس الخطر ودعت إلى تقنينها باعتبارها تساهم في الإجهاد المائي، أوضح المهندس والخبير المائي في معرض حديثه لـ»الصحراء المغربيةّ»، إنه وبحسب العلماء في هذا المجال، فإن المياه تنتقل دوريا من دول العالم الثالث نحو الدول الغنية عبر تصدير الخضر والفواكه المستنزفة للمياه، مثل البطيخ الأحمر من دول شمال إفريقيا نحو دول أوروبا الغنية بالمياه، والأفوكادو من أمريكا الجنوبية، والمغرب نحو أوروبا وأمريكا، مضيفا أن هذه التجارة قد تتسبب في سيطرة شركات وأفراد على مصادر المياه، مما يؤدي إلى ندرة لمياه الشرب والزراعة في بلدان العالم الثالث من أجل رفاهية دول العالم الأول وتوفرها على فواكه بدل تخصيص هذه المياه لزراعة الحبوب والبقوليات داخل هذه الدول.
وأردف المتحدث ذاته قائلا إن هذه المياه تسمى بالافتراضية حسب دراسات، حيث يعتقد أن 1 كيلو غرام من البطيخ الأحمر المغروس بالمناطق الجافة أو شبه الجافة، يستهلك 45 لترا من الماء في حالة الاعتماد على تقنية التقطير، وهذا يعني أن بطيخة بوزن 10 كيلوغرامات قد تستهلك 450 لترا من الماء العذب، ومع احتواء كل بطيخة على 80 في المائة من وزنها مياه، فتصدير البطيخ يعني انتقال في كل 10 كغ بطيخ مصدرة للخارج كمية تعادل 8 كغ من المياه الجوفية غير المتجددة، وهذا ما يسمى نظرية المياه الافتراضية، وهي نظرية أو فرضية طرحها «البروفيسور جون أنتوني من كلية كينجز لندن».
ومن بين الحلول البديلة لمواجهة استنزاف هذا النوع من الزراعات للموارد المائية، أشار بخري إلى اقتراحات مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية، التي تدعو في هذا المضمار إلى تقليل غرس النباتات المستهلكة للمياه واستبدالها بالنباتات المتحملة للجفاف مع التركيز على الأشجار والنباتات المتأقلمة مع المناخ الجاف، فقد تكون هي الحل لاستمرار الحياة بهذه المناطق التي تتعرض لموجات جفاف ونقص مياه بصفة مستمرة.
وأضاف المصدر ذاته أنه من بين الأشجار التي يمكن غرسها وتتحمل الجفاف يوجد النخيل والزيتون واللوز وغيرها من الأشجار المثمرة ذات الجذور الذكية، والتي لا تتطلب مياها كثيرة وتعود بالربح على منتجها، غير أنه في المغرب لا يتم دعم هذا النوع من الأغراس خصوصا في المناطق الصحراوية، لكن هذا لا يمنع من وجود تجاوزت وجب مواجهتها بالصرامة اللازمة، مشيرا إلى أنه في ما يخص المشاريع الكبيرة فهي ترخص في إطار دراسات استراتيجية مع ضبط الحاجيات من الموارد المائية وتوفرها بالطبع.
أسماء إزووان
