
إلغاء النيجر قانون تجريم التهريب ينذر بتدفق المهاجرين غير النظاميين على المغرب
أثار إصدار المجلس العسكري الحاكم في النيجر مرسوما جديدا يقضي بإلغاء قانون يعود إلى 16 ماي 2015 كان يُجرم تهريب المهاجرين، مع إلغاء كل الإدانات الصادرة بموجب هذا القانون وإطلاق سراح جميع المدانين بمقتضياته، (أثار) قلقا من جانب الاتحاد الأوروبي، حيث أكدت إيلفا جوهانسون، المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية، أن “إلغاء هذا القانون قد يؤدي إلى تدفق المزيد من المهاجرين إلى أوروبا”.
وبالنظر إلى الوضع الأمني الهش الذي تعرفه منطقة الساحل والصحراء، إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها بلدان المنطقة، على غرار النيجر، فمن المتوقع أن يشجع قرار الحكومة النيجرية مواطني هذا البلد والدول الإفريقية المجاورة له على الهجرة بكثافة في اتجاه الحلم الأوروبي، كما يسهل عمليات تهريب المهاجرين مع ما قد يفرضه ذلك من ضغوط كبيرة على دول العبور نحو الضفة الأوروبية، على غرار المغرب وتونس، وهو ما أبدت أوروبا تخوفها إزاءه.
تفاعلا مع هذا الموضوع، قال البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل النزاع وتدبير المخاطر، إن “قرار الحكومة الجديدة في النيجر يمكن تناوله من زاويتين؛ الأولى تتعلق برد فعل وبقرار سيادي لدولة إفريقية تعاني منذ عقود من استغلال وسرقة ثرواتها ومقدراتها خدمة لأجندات أجنبية، وبشكل خاص الميتروبول الفرنسي، باستخدام أنظمة وظيفية عسكرية شمولية”.
وأضاف البراق أن “هذا الأمر أدى إلى تعطيل البرامج التنموية لصالح الشعوب الإفريقية، وبالتالي ظهور العديد من الإشكالات البنيوية والأمنية كملف الهجرة والإرهاب، لذا يمكن تفهم هذا القرار من خلال رغبة النظام الجديد في النيجر إرساء قواعد اشتباك جديدة في علاقته مع الاتحاد الأوروبي باستخدام الهجرة كورقة ضغط من أجل تحصين مصالحه الخارجية”.
أما الزاوية الثانية، يورد البراق، فتتعلق بكون هذا القرار “لا يتناسب والجهود الدولية والقارية والإقليمية لمعالجة قضية الهجرة، باعتبارها إحدى الإشكاليات المؤثرة في الأمن البشري القاري لضفتي البحر الأبيض المتوسط، حيث إن استخدام الهجرة كورقة ضغط من أجل تحقيق مكاسب سياسية هو أمر يتنافى والالتزامات المشتركة في هذا الشأن، مما يؤدي إلى مزيد من الضغوط على دول العبور والاستقبال”.
في هذا الصدد، أشار الخبير في إدارة الأزمات وتحليل النزاع وتدبير المخاطر إلى أن “هذا القرار سيؤدي إلى تدفق المزيد من المهاجرين غير النظاميين إلى دول العبور الرئيسية في المتوسط، على غرار المغرب وتونس وليبيا والجزائر، كما سيؤثر على الاستراتيجيات الوطنية لهذه الدول في مجال الهجرة”، لافتا في الوقت ذاته إلى أن “الجزائر باعتبارها تشترك في حدود مع النيجر، فالأرجح أنها ستعمل على الدفع بالمهاجرين إلى خارج حدودها، سواء إلى تونس أو ليبيا أو موريتانيا”.
ولفت البراق إلى أن “هذا الوضع يُظهر مرة أخرى مركزية المقاربة المغربية لمعالجة إشكالات الهجرة، باعتبارها مقاربة إنسانية وشاملة ومندمجة، حيث عبر المغرب في أكثر من مناسبة على موقفه الراسخ والأكيد من ملف الهجرة، وهو العمل على ضرورة وجود رؤية واقعية وإنسانية والتعامل مع قضايا الهجرة بروح الشراكة والتعاون والاحترام المتبادل بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، مع الأخذ بعين الاعتبار حقوق الإنسان والقيم الإنسانية وتحقيق التوازن بين حقوق المهاجرين ومصالح الدول في صياغة وتنفيذ سياسات مراقبة الهجرة”.
في هذا الصدد، سجل المتحدث عينه أن “الرباط أرست الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء انسجاما مع المبادرة الملكية لإدماج المهاجرين، بهدف تحقيق اندماج أفضل للمهاجرين وتحسين إدارة تدفقات الهجرة في إطار سياسة متناسقة وشاملة وإنسانية ومسؤولة، وذلك من خلال تعزيز حقوق المهاجر في الوصول إلى الخدمات الأساسية وتعزيز التكامل الاجتماعي والثقافي، إضافة إلى العمل على إرساء آليات مستدامة من أجل التنسيق والتعاون بين الجهات المعنية على المستوى الوطني والإقليمي والدولي”.
وخلص الخبير الدولي ذاته، في تصريح لجريدة جريدة النهار الإلكترونية، إلى أنه “نتيجة لجهود المغرب وتبنيه للاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، تم الاعتراف بالملك محمد السادس بصفته رائدًا للهجرة في القارة الإفريقية، وذلك من قبل الاتحاد الإفريقي”، مشيرا إلى أن “هذا الاعتراف يعكس التقدير للجهود المبذولة من قبل المغرب في مجال حكامة الهجرة وتقديم نموذج للسياسات والممارسات الناجعة في التعامل مع قضايا الهجرة”.