غادرت طائرة رئيس سيراليون، جوليوس مادا بيو، مطار الجزائر، بعد زيارة رسمية تحدث فيها الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، عن تنسيق بين البلدين في ملفات إقليمية ودولية في مجلس الأمن، في محاولة جديدة لاستقطاب حلفاء المملكة في القارة السمراء.
تعترف فريتاون بمغربية الصحراء، وتدعم الوحدة الترابية للمغرب ومقترح الحكم الذاتي، ولها قنصلية في مدينة الداخلة إلى جانب العديد من الدول الإفريقية، وهذا المعطى شكل لسنوات “عقبة كبيرة” أمام الديبلوماسية الجزائرية، كلفتها رحيل أسماء وحضور أخرى، لكن دون أي تأثير.
المحاولة الجزائرية لاستقطاب حلفاء المغرب ليست حديثة العهد؛ فالانتشار المغربي إلى إفريقيا واستقطاب الدعم الواسع لمغربية الصحراء، دفع الجارة الشرقية إلى نهج مسارات متعددة للتأثير على هذا التقارب الذي يعتزم مستقبلا تهديد مقعد صنيعتها البوليساريو في الاتحاد الإفريقي.
وتحدث تبون خلال استقباله رئيس سيراليون عن قضية الصحراء، باعتبارها من أولويات ديبلوماسيته في فترتها المقبلة في مجلس الأمن، وكشف أن “الجزائر وسيراليون ستواصلان العمل في اتجاه إيجاد حل عادل ودائم لهذه القضية وفقا لقرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية”.
من خلال هذا المعطى، يظهر، بحسب مراقبين، المشروع الجزائري الجديد في استقطاب ” أصدقاء المغرب” في القارة الإفريقية قبل التوجه نحو مجلس الأمن، ومحاولة إعادة ميزان القوة لصالحه، بعد انتشار الوعي الإفريقي بحقيقة النزاع المفتعل.
وعلى العموم، من المرتقب أن تشكل فترة الجزائر في مجلس الأمن مرحلة جديدة في سياق جهودها، التي أصبحت هاته المرة تعتمد سياسة استقطاب حلفاء الرباط، للتأثير على مكاسب المملكة في ملف الصحراء.
لا تأثير لقصر المرادية
ويرى هشام عبود، ناشط جزائري معارض، أن “الحديث عن استقطاب الجزائر دولا إفريقية قبل التوجه إلى مجلس الأمن، يصطدم بغياب صوت للنظام الجزائري وأي تأثير يذكر على الصعيد الدولي”.
وبين عبود، ضمن تصريح لجريدة النهار، أن “الجزائر تعيش عزلة دولية ملحوظة، ومن المتوقع ألا تؤثر على قرارات مجلس الأمن مستقبلا، وهو الحال في جل التكتلات الأخرى على غرار الجامعة العربية”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن “الجزائر في خصام وبرود ديبلوماسي مع جل الدول، سواء العربية أو الإفريقية، وحديث الرئيس الجزائري خلال ندوته الصحافية مع نظيره السيراليوني، هو كلام ديبلوماسي عن الصحراء، لا تأثير له”.
وأوضح الناشط الجزائري عينه أن “زيارة الرئيس السيراليوني إلى الجزائر غريبة للغاية ومفاجئة، خاصة وأن قصر المرادية ليس له أي تمثيل ديبلوماسي في فريتاون، الأمر الذي ينم حقا عن عشوائية كبيرة في الديبلوماسية الجزائرية”.
واعتبر عبود أن “الجزائر لا يمكن أن تشكل مجددا أي تأثير على قضية الصحراء، وفترتها في مجلس الأمن ستكون عابرة وبدون أي نتيجة تذكر، خاصة وأن القرارات في الأصل بيد الكبار فقط”.
وعي إفريقي
من جانبه، سجل الحسن بلوان، خبير في العلاقات الدولية، أن “استقبال تبون الرؤساء الأفارقة أمر سيادي، لكن استغلال ذلك من أجل استحضار العداء في ملف الصحراء يكشف جديد محاولات الاستقطاب المتعددة”.
وبين بلوان، في تصريح لجريدة النهار، أن “هذا الأمر تكرر بكثرة مع الدول التي تدعم مغربية الصحراء داخل القارة الإفريقية، حيث تسعى الجزائر لإقحامها في أطروحتها الانفصالية الرامية إلى تقسيم المملكة”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “الجزائر التي تسعى لتشكيل حلف قاري قبل الدخول إلى مجلس الأمن، لا يمكن أن تؤثر في ملف الصحراء، في ظل رهان الجزائر المستمر والفاشل على كسب الدعم الإفريقي في هذا الملف وكسر الحلف المغربي مع عمقه القاري”.
وشدد الخبير في العلاقات الدولية على أن “الدول الإفريقية لا يمكن أن تستجيب لهاته المحاولات، خاصة وأن القارة السمراء أصبحت واعية بحقيقة النزاع المفتعل، وتعتبر المملكة رائدا مهما من أجل تحقيق التقدم الإفريقي”.